قال سييد نا رضي الله عنه عن الفرق بين الحقيقة و الطريقة و الشريعة ، فأجاب رضي الله عنه بقوله:
الحقيقة هي رفع الحجب عن مطالعة الحضرة القدسية ، وهي المعبر عنها بالمشاهدة ، و علومها المنسوبة إليها تارة تطلق على ما يبرز للمشاهد من الحضرة القدسية من العلوم و المعارف و الأسرار و الفيوض و الحكم و أحوال اليقين إلى غير ذلك ، و تارة تطلق على علوم الحقيقة على ما يلزم العبد في وقت المشاهدة من علوم الآداب و علوم الخطاب ، و علم ما يلزمه اجتنابه في وقت المشاهدة ، فهذه حقيقة الحقيقة.
و حقيقة الشريعة هي الأمر الذي جاء به الشارع صلى الله عليه وسلم أمرا و نهيا و إباحة ما نص عليه صلى الله عليه وسلم و نص الله عليه في كتابه من جميع الأمور ، و مما يؤول إلى ذلك استنباط المجتهدين ، فهذه الشريعة و علومها.
و أما الطريقة فهي واسطة بين الشريعة والحقيقة ، فإنما هي الشريعة اللازمة لأرباب الوصول و الحقائق ، وهي غير الشريعة التي يخاطب بها العوام و أرباب الرسوم و حدها الجامع لها هو قولهم :" حسنات الأبرار سيئات المقربين."
وعلوم الطريق هي كل علم يدعو إلى انسلاخ العبد من حظوظه وشهواته ، و تبرّيه من مشاهدة حوله و قوته ، و مباعدته عن كل ما يقتضي جلب مصلحة لنفسه أو لغيرها ، و دفع مضرة عن نفسه أو غيرها بإيوائها إلى جانب الحق سبحانه و تعالى ، و بالعلم بكل ما يدعو إلى وقوف العبد مع الله تعالى في صميم التوحيد ، و خروجه عن الغير و الغيرية علما و عملا و حالا و تخلقا ، و الرسوخ في مقام الرضا و التسليم ، و الغرق في بحر التفويض و الاستسلام ، فهذه هي الطريقة وعلومها.