من كلام سيدنا الشيخ رضي الله عنه :
محبطات الأعمال عديدة منها :
الردة نسأل الله السلامة و العافية ، ومنها قذف المحصنات ، و تأخير العصر إلى الغروب ، والاسترسال في أكل الحرام ، وعدم إعطاء الأجرة لصاحبها ،واحذر من العجب جهدك فإنه يفسد العمل.
أما الردة و العياذ بالله فلها أسباب كثيرة قولية و فعلية ، أما القولية فمنها ما هو معلوم عند العامة كنسبة الحدوث أو الشريك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، إما تصريحا أو التزاما ، أو بنسبة بعض أفعال الله لغيره كالقدرية ومن حذا حذوهم من الجهال ، ومنها صدور التهاون بجلال الله تعالى جهلا أو عنادا كالشتم و السب و تهور اللسان في جانب الحق و العياذ بالله ، أو يريد شتم العبد فيغير اسم الله أو صفة من صفاته في أسماء العبيد المضافة لأسماء الله كعبد الحق و عبد الرحيم ...فإن تغييرها ردة ولا يعذر صاحبها بعدم قصده لأسم الله ،هذا مذهب شيخنا التجاني رضي الله عنه.
كذلك مذهبه فيمن بدل حكم الله لغرض من أغراضه ممن كان النص في عينه كتحليل المطلقة ثلاثا لزوجها الأول من غير أن تنكح زوجا غيره لأن الحكم هو وصف من أوصاف الله تعالى و من غيّر وصفا من أوصاف الله فهو مرتد و العياذ بالله - كما أنه في الشريعة أيضا من استحل محرما مجمَعا عليه فقد كفر و كذلك من جحد ما هو معلوم من الدين ضرورة كالصلاة مثلا ، ومنها التهاون بمرتبة النبوة و الملائكة كصدور شتم أو سب أو تهور لسان ، أو نسب إليهم ما يحط من قدرهم كارتكاب المنهيات أو عيب في ذواتهم إلى ما إلى ذلك.
و مما هو في هذا الباب عدم الرضا بالقدر و التسخط عند نزول المصائب بالعبد حتى يقول بعض جهلة المسلمين : " أي شيء فعلته يا رب حتى فعلت بي هذا من دون الناس! " قال سيدنا رضي الله عنه:" هذه ردة تلزم التوبة منها لأن كلامه تضمن نسبة الظلم لخالقه "، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وكذلك ما يصدر عن بعض الجهال عند الغضب فيقول:" لا أفعل هذا حتى و لو قالها المنادي قاصدا الله أو الرسول" ، فهذا القول يتضمن الردة أيضا ، فليحذر المؤمن من هذه الأمور الشنيعة قولا أو فعلا و يُحَذِّر جهال المسلمين منها.
و مما يلحق بهذا الباب ما ذكره أهل الكشف في بعض الأمور ، من فعل واحدة منها و لم يتب منها يموت على سوء الخاتمة و العياذ بالله وهي دعوى الولاية بالكذب وادعاء المشيخة أي التصدر لإعطاء الورد من غير إذن ، و كذلك كثرة الإذاية للخلق ، و كثرة الزنا و الكذب على الرسول صلى الله عليه و سلم ، وكثرة النميمة و الغيبة و عقوق الوالدين ، هذا إن لم يتب منها نسأل الله السلامة و العافية من جميعها ويلحق بهذا سب الأولياء نسأل الله السلامة و العافية من سب أولياء الله كلهم .
فهذه أعظم أمور الردة و سوء الخاتمة ذكرناها تحذيرا و نصيحة ليهرب منها العاقل.
و أما الخلاص منها بعد الوقوع فيها فبالتوبة منها
فأما إن كانت من المهلكات غير الردة فبمجرد التوبة يتخلص منها إلا ما كان فيه حقوق العباد فلابد أن يتحلل منهم.
و أما التوبة من الردة فإن كان في السب الصريح في جانب الربوبية أو النبوة فيزاد مع التوبة القتل حدا ، و إن تاب و لم يُقتل فتوبته صحيحة و أمره موكول إلى الله ، و أما في غير السب الصريح فتوبته صحيحة و لا قتل عليه، و إن لم يتب من ردته قتل كفرا ، و إذا كان المرتد ذا زوجة أو ذات زوج بطل نكاحهما و ينبغي لمن استفتاه أن لا يحكم بطلقة بائنة و لا رجعية بل يحكم لهما بالفسخ بينهما.
من كتاب " جواهر المعاني" لسيدي علي حرازم برادة رضي الله عنه