كالصحابة ، و خاصة منه ما يزعم أنه فوق الصحابة
الجواب
بالنسبة لمسألة تزكية الشيخ نفسه و تفضيله و المنتسبين اليه على الصحابة رضي الله عنهم و ارضاهم التي كثيرا ما تتردد نورد الجواب ان شاء الله على لسان سيدي عمر بن سعيد الفوتي رضي الله عنه حيث يقول في الفصل 36 من كتاب رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم
" فالجواب و الله تعالى الموفق للصواب ان هذا الٳيراد(تزكية الشيخ نفسه) غير وارد كما قال الحافظ جلال الدين السيوطي في الصواعق على رؤوس النواعق : ليس من باب الإفتخار ولا تزكية النفس بل في هذا وجهان:
احدهما ان هذا من باب التعريف بحاله اذ جهل مقامه ، قال النووي في الأذكار في باب مدح الإنسان نفسه و ذكر محاسنه :اعلم ان ذاكر محاسنه مذموم و محمود ، فاما المذموم ان يذكره للافتخار و الإرتفاع و شبه ذلك . و اما المحمود ان يكون فيه مصلحة دينية و ذلك بان يكون آمرا بالمعروف او ناهيا عن المنكر او ناصحا او مشيرا او معلما او مأدبا او واعظا او مصلحا بين اثنين او يدفع عن نفسه .. و قد جاء في مثل هذا كثير من النصوص كقول النبي صلى الله عليه و سلم :" أنا سيد ولد آدم ولا فخر انا أول من تنشق عنه الأرض و يدخل الجنة و أنا أعلمكم بالله و أتقاكم " الحديث و اشباه هذه كثيرة و قال يوسف عليه السلام اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم . و روي في الصحيحين عن سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه انه قل حين اشتكاه اهل الكوفة للخليفة عمر رضي الله عنه من انه لا يحسن الصلاة : اني اول من رمى بسهم في سبيل الله و كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و ذكر تمام الحديث ، و في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه سئل عن الدية فقال على الخبير سقطت يعني بنفسه و روى الحديث و في صحيحه ايضا عن علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه : والذي برأ النسمة انه لعهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ان لا يحبني الا مؤمن و لا يبغضني الا منافق.... و نضائر هذا كثير لا ينحصر ...
الوجه الثاني ان هذا من باب التحدث بنعمة الله شكرا وامتثالا لقوله تعالى ( و أمّا بنعمة ربّك فحدّث ).أخرج عبد الله بن احمد بن حنبل في رواية المسند و البهيقي في شعب الإيمان قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "التحدث بنعمة الله شكر و تركها كفر" وقال الشيخ العلامة شمس الدين ابن القيم : الشيء الواحد تكون صورته واحدة و ينقسم الى محمود و مذموم ،فمن ذلك التحدث بالنعمة شكر و الفخر كفر بها ، فالأول المقصود به اظهار فضل الله تعالى و احسانه و نعمته و افشاؤها و فيه حديث التحدث بالنعمة شكر و تركها كفر ....
أما الإيراد الثاني(تفضيل الشيخ على الصحابة) فالجواب و الله تعالى الموفق للصواب ان العلماء كما قال السيوطي في مثل هذا فرقتين فمنهم من جعل ذلك اصطلاحا عرفيا و منهم من قال هو موكول الى تخصيص العقل اي انه من العلم الذي اريد به الخصوص الذي تعذر بيانه ومن ذلك قوله تعالى (تدمر كل شيء بأمر ربها) أطبق العلماء من العام المراد به الخصوص ، لأنها لم تدمر الملائكة و لا العرش ولا الكرسي و لا السماوات ولا الأرض ولا الجبال ولا بقية البشر الا قوم عاد ..... و منها قوله صلى الله عليه و سلم " ما أضلت الخضراء و لا اقلت الغبراء اصدق لهجة من ابي ذر" فهذا من العام المراد به الخصوص قطعا ،ولا سبيل الى دخوله صلى الله عليه و سلم و سائر الأنبياء في هذا العموم .... و منها ما اخرجه ابن ابي شيبة في المصنف في خطبة الحسن بن علي رضي الله عنهما حين قتل علي :" يا اهل الكوفة لقد كان بين اظهركم رجل قتل الليلة لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون" و هذا من العام المراد به الخاص قطعا فان العقل يخص من لفظ الأولين سيد المرسلين صلى الله عليه و سلم و سائر الأنبياء و جبريل صلوات الله و سلامه عليهم اجمعين ...فلم يقصد الحسن بتفضيل ابيه في العلم على احد من هؤلاء ... وانما يتوهم ذلك من اشتدت عرانيه في الجهل ولم تكن له خبرة باساليب الكلام ولا له اطلاع على عبارات العلماء و تحقيقاتهم ولا قواعد اصول الفقه و علوم البلاغة . و من هو بهذه المثابة لا يلتفت الى توهماته الفا سدة بل يترك ينعق مع الناعقين .
ومن ذلك قول الإمام الشافعي
ولولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم اشعر من لبيد
ولولا خشية الرحمان ربي حسبت الناس كلهم عبيدي
فهل يتوهم عاقل قط ان عبارة الشافعي هذه يدخل فيها احد مشايخه فضلا عن التابعين فضلا عن الصحابة فضلا عن الأنبياء صلوات الله عليهم معاذ الله لا يتوهم هذا الا جاهل ... انتهى كلام السيوطي
و اذا فهمت ما تقدم علمت ان كلام الشيخ رضي الله عنه و ارضاه لا يتوجه الى الصحابة اصلا رضي الله تعالى عنهم و مما يؤيد ذلك ان الشيخ رضي الله تعالى عنه صرح بان الصحابي افضل من غيره و لو بلغ ذلك الغير ما بلغ في المعرفة بالله – و في جواهر المعاني- و سالته رضي الله عنه عن تفضيل الصحابي الذي لم يفتح عليه عن القطب من غير الصحابة فأجاب :" اختلف الناس في تفضيل الصحابي الذي لم يفتح عليه على القطب من غير الصحابة ، و الراجح تفضيل الصحابي على القطب بشاهد قوله صلى الله عليه و سلم : ان الله اصطفى اصحابي على سائر العالمين سوى النبيين و المرسلين" و قوله صلى الله عليه و سلم :" لوانفق احدكم مثل احد ذهبا ما بلغ مد احدهم و لا نصيفه" و هذا من شدة اعتناء الله بنبيه صلى الله عليه و سلم ...
ويؤيد ذلك قول الشيخ رضي الله عنه ان جميع الأولياء من عصر الصحابة الى النفخ في الصور الخ. لأن من لانتهاء الغاية و في هذا المحل يعلم ذلك كل من له ادنى معرفة بعلم النحو، لان من تكون بمعنى الى .
و بذلك يتبين ان تفضيل الشيخ رضي الله عنه على سائر الأولياء لا يدخل فيه باي شكل الصحابة رضي الله عنهم و الانبياء عليهم الصلاة و السلام.