جواب السؤال 7
الجواب
الذي عندنا أن والدا الرسول صلى الله عليه و سلم لا يمكن أن يكونا كافرين بأدلة متعددة و أنه لا يجوز ذكرهما بنقص فإن ذلك يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث :" لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات " الطبراني.
وقد ذكر ذلك الفضيل بن عياظ عند تفسير آية " إن الذين يؤذون الله ورسوله ....." قال إن من أعظم الأذى له صلى الله عليه وسلم أن يقال إن أبوي النبي في النار.
و الأدلة على ذلك عديدة نذكر منها :
- أن آباء النبي صلى الله عليه وسلم وأمهاته من عبد الله إلى آدم ليس فيهم كافر لأن الكافر لا يقال في حقه أنه طيب ولا طاهر بل يقال نجس كما في الآية { إنما المشركون نجس}.
قال صلى الله عليه و سلم:" إن الله اصطفى كنانة من نسب إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم." مسلم
وروى الطبراني وأبو نعيم وابن عساكر عنه صلى الله عليه وسلم قال : "خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي ولم يصبني من سفاح الجاهلية شيء."
وروى أبو نعيم قوله صلي الله عليه وسلم :" لم يلتق أبواي قط على سفاح ولم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة إلي الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما."
وروي ابن مردويه أنه صلي الله عليه وسلم قرأ :" لقد جاءكم رسول من أنفسكم بفتح الفاء وقال : أنا أنفسكم نسبا وصهرا وحسبا ليس في آبائي من لدن آدم سفاح كلنا نكاح."
- ما قرره الحافظ السيوطي في" مسالك الحنفا في إسلام والدي المصطفى" و من تلك المسالك أنهما ماتا قبل البعثة ولا تعذيب قبلها لقوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} وقد اتفقت الأشاعرة من أهل الكلام والأصول، والشافعية من الفقهاء على أن من مات ولم تبلغه الدعوة يموت ناجيا.
إنهما لم يثبت عنهما شرك بل كانا على الحنيفية دين جدهما إبراهيم عليه السلام كما كان على ذلك طائفة من العرب كزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل، وذهب إلى هذا المسلك طائفة منهم الإمام الرازي، بل قالوا إن سائر آبائه صلى الله عليه وسلم لهم هذا الحكم، فليس فيهم كافر، وأما آزر فليس بوالد إبراهيم بل عمه على الصحيح.
أن الله أحيا له أبويه صلى الله عليه وسلم حتى آمنا به، وهذا المسلك مال إليه طائفة كثيرة من حفاظ المحدثين وغيرهم منهم ابن شاهين والحافظ أبو بكر البغدادي والسهيلي والقرطبي والمحب الطبري وغيرهم، واستدلوا لذلك بما أخرجه ابن شاهين والخطيب البغدادي والدارقطني وابن عساكر بسند ضعيف عن عائشة قالت:" حج بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، فمر بي على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتم، فنزل فمكث عني طويلا، ثم عاد إلي وهو فرح متبسم، قلت له، فقال ذهبت لقبر أمي فسألت الله أن يحيها فأحياها فآمنت بي وردها الله."
و هذا لا يستغرب كرامة لسيد الخلق صلى الله عليه و سلم و الله على كل شيء قدير {أو كالذي مر على قريةٍ وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه}
أما الحديث الذي رواه مسلم : أن رجلا قال:" يا رسول الله أين أبي؟ " قال:" في النار"، قال: وأين أبوك؟ قال:" إن أبي وأباك في النار"، فمذهب أغلب أهل العلم إما أن يكون قصد بأبيه عمه كما هي العادة عند العرب ينادون العم بأبي و كذا بالنسبة لسيدنا إبراهيم في قوله تعالى: { لأبيه آزر} أنه عمه ، أو أنهم لم يتفقوا على لفظ الحديث .
قال الحافظ السيوطي في رسالته "مسالك الحنفا في والدي المصطفى" ما نصه :"
الجواب: إن هذه اللفظة لم يتفق على ذكرها الرواة، وإنما ذكرها حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس، وهي الطريق التي رواها مسلم منها وقد خالفه معمر عن ثابت فلم يذكر: إن أبي وأباك في النار، ولكنه قال: إذا مررت بقبر مشرك فبشره بالنار، وهذا اللفظ لا دلالة فيه البتة على أن والده في النار، وهو أثبت من حيث الرواية، فإن معمرا أثبت في الرواية من حماد، فإن حماداً تكلم في حفظه ووقع في أحاديث مناكير ذكروا أن ربيبه دسها في كتبه، وكان حمادا لا يحفظ فحدث بها فوهم فيها، ومن ثم لم يخرج له البخاري شيئا، وأما معمر فلم يتكلم في حفظه، ولا استنكر شيء من حديثه، واتفق على التخريج له الشيخان فكان لفظه اثبت.
ثم وجدنا الحديث ورد من طريق سعد بن أبي وقاص بمثل لفظ رواية معمر عن ثابت عن أنس؛ فأخرج البزار والطبراني والبيهقي من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين أبي؟" قال:" في النار"، قال: "فأين أبوك؟" قال:" حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار."."