قال ابن الحاج
في توصله إلى دليل على تخصيص هذا اليوم للتذكير بنعم الله تعالى وإظهاراً للسرور بالمولد ، وشكراً لله تعالى على ما أكرم به من هذا الميلاد ، ولم لا ؟! أليس هم احتفلوا بيوم معين يشكرون الله به على ما أنعم عليهم ؟ فهذهبدعة حسنة ، وعمل المولد بدعة حسنة ، ونحن نعمله شكراً لله على هذه النعمة العظيمة ، وما هو هذا الأمر الذي أرادوا تذاكر ما أنعم الله به عليهم ومن ثمّالاحتفال بأكل شاة ؟ أليس ذلك الأمر هو نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة ؟ ومن أتانابالإسلام ؟ أليس هو سيدّنا وحبيبنا محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟..
قال القاضي :
وحيث أن خروج آدمفي يوم الجمعة من الجنة سبب لوجود الذرية الذين منهم الأنبياء والأولياء وسبب للخلافة فيالأرض وإنزال الكتب وقيام الساعة سبب تعجيل جزاء الأخيار وإظهار شرفهم فزعم أن وقوع هذه القضايا فيه لا يدل على فضله في حيز المنع قال القاضي: وقد عظم اللّه هذا اليومففرض على عباده أن يجتمعوا فيه ويعظموا فيه خالقهم بالطاعة لكن لم يبينه لهم بلأمرهم بأن يستخرجوه بأفكارهم وواجب على كل قبيل اتباع ما أدى إليه اجتهاده صواباًأو خطأ كما في المسائل الاجتهادية فقالت اليهود هو يوم السبت لأنه يوم فراغ وقطع عمل فإن اللّه فرغ من السماء والأرض فيه فينبغي انقطاعنا عن العمل فيه والتعبدوزعمت النصارى أنه الأحد لأنه يوم بدء الخلق الموجب للشكر والتعبد ووفق اللّه هذهالأمة للإصابة فعينوه الجمعة لأن اللّه خلق الإنسان للعبادة وكان خلقه يومهافالعبادة فيه أولى لأنه تعالى أوجد في سائر الأيام ما ينفع الإنسان وفي الجمعة أوجدنفس الإنسان والشكر على نعمة الوجود وروى ابن أبي حاتم عن السدي أنه تعالى فرضالجمعة على اليهود فقالوا يا موسى إن اللّه لم يخلق يوم السبت شيئاً فاجعله لنافجعل عليهم وذكر الأبي أن في بعض الآثار أن موسى عين لهم الجمعة وأخبرهم بفضلهفناظروه بأن السبت أفضل فأوحى إليه دعهم وما اختاروا.
ولمن يقول
أن أول من احتفل هو الفاطميون وهم عبيديون زنادقة روافض أحفاد عبد الله بن سبأ اليهودي ولا يمكن أن يفعلوا ذلك محبة في رسول الله صلى الله عليه وسلم بل لغرض خفي ؟؟ إن القطع بأن هؤلاء هم أول من احتفلوا تجاهل عجيب للخلاف الثابت في ذلك . فينبغي عدم التعويل على هذا لأن أهل التاريخ ذكروا غيرهم ..
ومنهم الحافظ ابن كثير الذي قالوا عنه أنه ذكر في البداية والنهاية أن الدولة الفاطمية هم أول من أحدث المولد النبوي .. إلى آخر القصة المعروفة ، ولكن ذلك خطأ وليس له أي سند من الصحة فالرأي الحقيقي لابن كثير في عمل الموالد النبوية ونشأته ما نصه : ( .. الملك المظفر أبو سعيد كوكبري ، أحد الأجواد والسادات الكبراء والملوك الأمجاد له آثار حسنة وكان يعمل المولد النبوي الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً ؛ وكان مع ذلك شهماً شجاعاً فاتكاً ( أي بالأعداء ) عاقلاً عادلاً ، رحمه الله وأحسن مثواه وقد صنف الشيخ أبو الخطاب بندحية له مجلداً في مولد البشير النذير، فأجازه على ذلك بألف دينار، وقد طالت مدتهفي الملك في زمان الدولة الصلاحية، وقد كان محاصراً عكا وإلى هذه السنة محمودالسيرة والسريرة، قال السبط: حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد فيذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي. وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبدية، وثلاثين ألفصحن حلوى، قال: وكان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية...الخ" اهـ. (البداية والنهاية لابن كثير - سنة 630هـ - ج12 ص287.