قالت حليمة:
كان محمد اليتيم طوال سنتين عندي مصدراً للخير والنماء والبركة، فأغنامي كثرت وكثر لبنها، وكثر الطعام عندنا
وكان محمد يشب شباباً لا يشبه من هو في مثل سنه، فلما بلغ عامين وفصلته عن الرضاع، كان قد أصبح غلاماً قوياً.
وكان علىًّ أن أعيده إلى أمه فقد انتهت مدة الرضاع. ولكنني لم أكن أريد إرجاعه فقد ازداد تعلقي به
فذهبتُ به إلى مكة، حيث أمه آمنة وقلبي لا يستطيع فراقه كأني حملتُ به ،
فقلت لها: تعلمين يا آمنة أن الطفل في هذه الفترة من عمره يكون عرضة للأمراض وخاصة إذا بقى في مكة لأن مكة بها الأوبئة والأمراض، فلو تركته عندي في البادية حتى يكبر قليلاً... وألححت عليها حتى وافقت، ففرحتُ بذلك أيما فرح..
وعاد معي إلى بادية بني سعد . وكان يلعب في البادية مع الغلمان حيناً ويرعى الغنم حيناً آخر،،
وفي هذه السنة حدث شيء غريب انفطر له قلبي وارتعد له فؤادي...
كنتُ أهتم ببعض شئون بيتي , وبعد أن أقام محمد بيننا شهرين أو ثلاثة , فبينما هو خلف بيوتنا مع أخ له من الرضاعة يرعيا غنم لنا , جاء أخوه ذلك مسرعا , فقال ذاك أخي القرشي جاءه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه
فخرجت أنا وأبوه مسرعين نحوه فنجده قائما منتقعا لونه
فاعتنقه أبوه وقال : يا بني ما شأنك؟
قال : جاءني رجلان عليهما ثياب بيض أضجعاني وشقا بطني ثم استخرجا منه شيئا فطرحاه ثم رداه كما كان
.......... فاصل توضيحي مهم ........
/
/
/
/
/
/
/
قال الرسول صلى اله عليه وسلم :
كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر ، فانطلقت أنا و ابن لها في بهم لنا و لم نأخذ معنا زادا فقلت يا أخي اذهب فأتنا بزاد من عند أمنا فانطلق أخي و مكثت عند البهم فأقبل طائران أبيضان كأنهما نسران
فقال أحدهما لصاحبه : أهو هو ؟ قال الآخر : نعم ، فأقبلا يبتدراني فأخذاني فبطحاني للقفا فشقا بطني ، ثم استخرجا قلبي فشقاه فأخرجا منه علقتين سوداوين ، فقال أحدهما لصاحبه : إئتني بماء ثلج ، فغسل به جوفي ، ثم قال إئتني بماء برد ، فغسل به قلبي : ثم قال إئتني بالسكينة ، فذره في قلبي ،
ثم قال أحدهم لصاحبه : خطه فخاطه و ختم عليه بخاتم النبوة ،
ثم قال أحدهم لصاحبه : اجعله في كفة و اجعل ألفا من أمته في كفة قال رسول الله : فإذا أنا أنظر إلى الألف فوقي أشفق أن يخر علي بعضهم ، فقال لو أن أمته وزنــت به لمال بهم ، ثم انطلقا فتركاني
قال رسول الله : و فرقت فرقا شديدا ثم انطلقت إلى أمي فأخبرتها ، بالذي لقيت ، فأشفقت أن يكون قد التبس بي ، فقالت أعيذك بالله ، فرحلت بعيرا لها فجعلتني على الرحل و ركبت خلفي حتى بلغنا إلى أمي فقالت : أديت أمانتي و ذمتي ، و حدثتها بالذي لقيت فلم يرعها ذلك و قالت : إني رأيت خرج مني نور أضاءت منه قصور الشام (1)
\
\
\
\
\
\
\
\
عدنا
,,,,, ,
نعود لقصتنا
تكمل حليمة فتقول :
فرجعنا بمحمد معنا
ولا أكتمكم أنني وزوجي خفنا على ابننا محمد وخشينا أنه أصيب بشيء ، فلم نكن نعرف ما الذي حل به.. رغم أننا سمعنا قصته , وسمعناها منه بكل براءة وصدق، وخفنا أن تتكرر هذه الحادثة وهو معنا فسارعنا بالعودة به إلى مكة... فأعدناه إليها ...
شكرنا حليمة السعدية على قصتها المؤثرة كما شكرناها على حسن الضيافة والكرم العربي البدوي الأصيل
النهروان أصرت أن تبقى في قبيلة بني سعد فقد أعجبتها بادية الحديبية .. ولكننا سمعنا صافرة القطار وهو يؤذن بالانطلاق فصعدنا جميعا , ولم نتركها أو نترك أحدا هناك
نحن الآن في رحلة العودة إلى مكة ,. لنسمع المزيد من أخبار هذا اليتيم ونرى ما الذي حل به بعد أن أعادته حليمة السعدية إلى أمه آمنة بنت وهب..