في الآية 55 من سورة هود: " لا يكون إلا ما سبق في علم الله وجوده "
سئل سيدنا رضي الله عنه عن قوله تعالى : [ فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون] . هود.
فأجاب رضي الله عنه :"
اعلم أن سيدنا هودا عليه السلام يريد بهذا أنكم و إن فعلتم ما فعلتم و مكرتم ما عسى أن تمكروا؟ ، أو توجهتم بقوة هممكم إلى أي أمر تريدونه قليلا أو كثيرا جليلا أو حقيرا لم تخرجوا في ذلك كله عن قبضة الله سبحانه و تعالى .
و لن تفعلوا إلا ما سبق في مشيئته و علمه و لا سبيل لكم إلى شيء سوى ذلك ، و لن تجدوا إلى سوى ذلك حولا و لا قوة ، و لا فيكم حركة و لا خطورة و لا توجه عزم إلا بالله عز و جل و من الله عز و جل ، و مصدر ذلك كله حكمه و قضاءه لا سبيل لكم إلى ما خرج عن هذا الميدان و ما أنتم إلا بمنزلة الهباء في الهواء تصرفكم رياح الأقدار الإلهية.
و حيث كان أمركم هكذا فإني رجعت إلى الله بالتوكل عليه و الرضا بقضائه ، و الثبوت لمجاري أحكامه عليّ غير ملتفت إليكم في شيء مما تخوفونني به ، أو فيما تسعون إليه من هلاكي ، فإني متحقق أن الله تعالى إذا سلطكم عليّ نفذ حكمه بكم فيما أراده علي ، و لا حيلة لي و لا لكم في صرف ذلك ، و ما لم ينفذ به حكمه فيّ مما يجريه على أيديكم فلا سبيل لكم إليه.
إن ربي في هذا الحد على صراط مستقيم يُجري الأمور كلها على طبق مشيئته و حكمه في سابق علمه من أفعال المخيرين و أفعال الجمادات الذين لا اختيار لهم .
كل ذلك مستو عنده لا ينفلت من ذلك شيء عن حكمه و طبق مشيئته ، فلا يكون شيء إلا ما سبق في علمه و حكم به في مشيئته ، و ما سوى ذلك فمحض العدم . "
جواهر المعاني