ت في أحد المواقع الإسلامية أن الشيخ التجاني تهجم على كل ولي لله إذ يقول: قدماي على رقبة كل ولي
هل هذا صحيح ؟ و ما ردكم
الجواب
أخي الكريم
بعد التحية و السلام
نود لفت انتباهك أولا أن مثل هذه المواقع قد اختلط فيها الحابل بالنابل حتى إننا نرى مواقعا لا تختص الا بالجدال و المراء و الخوض في أعراض المسلمين يسوسها أناس لا صلة لم بالعلم فوجب الحذر منها
و فيما يخص السؤال الذي طرحته
جاء في الإفادة الأحمدية لمريد السعادة الأبدية لسيدي محمد الطيب السفياني رضي الله عنه أن الشيخ سيدي ومولاي أبا العباس أحمد التجاني رضي الله عنه قال{ قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى من أول نشأة العالم إلى النفخ في الصور}.
وفي تعليق الشيخ سيدي محمد الحافظ المصري رضي الله عنه على الإفادة قال :
المراد بالقدم الطريق أو المنزلة وإليهما الإشارة ، ومراده بالقدمين الظاهر والباطن قال تعالى
وبشر الذين ءامنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) والغرض من ذلك أن بدايته فوق نهاية العارفين ما عداأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد سئل في ذلك فأجاب : أن الصحابة لا يلحق بهم غيرهم .
وهذه المرتبة التي ذكرها لا شك أنها ثابتة لشخص ما ، فإن الناس متفاوتون في مراتب المعرفة ، ورفع الله بعضهم فوق بعض درجات . فلو قارنا بين نور أهل بلد مثلا ، أو قطر أو عصر فلا بد من وجود مرتبة هي أعلى المراتب ، ولو قارنا بين أصحاب هذه المرتبة في كل عصر فلا بد من وجود من هو أعلى من غيره ، فمن اختصه الله أزلا بهذه المرتبة يسميه العارفون : القطب المكتوم ، والختم الأكبر . وقد ادعاها سيدي محي الدين ورجع عنها ، كما ادعاها غيره ، وادعيت لغيرهم. وعلامات هذه المرتبة التي قد . ذكرها الأولياء ، قد اجتمعت فيه رضي الله عنه فقد ذكر الشيخ محي الدين بن العربي في الفتوحات ، في الباب الثالث والسبعين عن خاتم الولاية . أنه موجود ببلاد المغرب وأنه اجتمع به في فاس وذلك اجتماع برزخي لانه ذكر في موطن اخر أنه يأتي من بعده في آخر الزمن ، فوجود الختم يومها وجود روحاني ، واجتماعه به اجتماع برزخي – وذكر عنه أنه من أكرم المغرب أصلا ويدا ، وذكر أنه مبتلى بإنكار الخلق عليه . وألف في هذا المقام كتابه : {عنقاء مغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب }وعين مستقره بفاس.وصرح بكنيته أبي العباس وهذه الكنية اشتهرت فيمن اسمه أحمد . وذكر سيدي المختار الكنتي في كتاب الطرائف والتلائد :أنه في القرن الثاني عشر . ولم تجتمع هذه العلامات في أحد من الأولياء الذين نسبوا إلى هذا المقام ، إلا في سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه فهو من الغرب وهو شريف حسني وكرمه كان مضرب الأمثال وهو في القرن الثاني عشر وفي فاس بها وصل المقام وظهر به وبها دفن واسمه أحمد وكنيته أبو العباس وإنكار الخلق عليه من أظهر العلامات التي تزيدنا معرفة به ويقينا . وقد أخبر رضي الله عنه وهو صادق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره خبرا صريحا في اليقظة ــ ولا عبرة بكلام من أنكرها لأنه محجوج ودلائله منقوضة ـــ أخبره أنه صاحب هذا المقام ولا داعي لتكذيب الولي في أمر ممكن وقد صدقناه كجميع الأولياء .
وعلى أي حال لاخلاف بين أهل الله ، أن هذه مرتبة اختص الله بها بعض أوليائه ، فإن لم يكن الشيخ فغيره و لا حرج على من صدق دعوى صادق صالح في أمر يمكن أن يتفضل الله به سبحانه عليه . ومن لم ير بذلك ثابتا له فليحمل كلامه على وجه صالح ، ولو على أنه مما يقع من الشطح للشيوخ الكمل ، ولا ينافي كمالهم . لأنه نتيجة غرق في النور ، وقد نقل عن سيدي أبي اليزيد وسيدي محي الدين وغيرهما من أكمل الكمل ، والغرق في النور لم يخل منه أحد ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم : إنه ليغان على قلبي فاستغفر الله في اليوم مائة مرة« وهو غين أنوار وأسرار جل أن يكون غين أكدار وأغيار ، غير أن مرتبة النبوة لا يقع فيها الشطح ، ولا بد من مرور الولي بمقام السكر والغيبة والغرق. فإذا كان رضي الله عنه صاحب هذا المقام فكلامه على ظاهره وإلا فهو فان في صاحب المرتبة يتكلم بلسانه . ولا حرج ، علينا شرعا إذا صدقنا أنه صاحبها فما جرب عليه رضي الله عنه إلا الصدق والعلم والعمل وكمال المتابعة .وقد شهد له بعلو القدم في المعرفة أكابر العارفين . ولم يعاده ولي فيما نعلم . وإنما أنكر عليه شرذمة من أطفال القلوب صغار الأحلام لا عبرة بهم ولا يؤبه لهم لأن الدليل يخذلهم في كل موطن من مواطن التحقيق وهم محجوبون بالدلائل العلمية الصحيحة .إهـ