لقد اطلعنا على ما في هذا الكتاب ولاشك أن من أول التساؤلات التي ستخطر ببال من قرأه من أصحاب النزاهة الدينية و العلمية هو من أين جلب كاتبه لقب الشيخ...
(والذين يؤذون المؤمنيــن والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا).
و سوف لن نطيل في هذا لندخل مباشرة في الرد على اتهامه و افتراءه و إدعاؤه على الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه قال في جواهر المعاني : "إن هذا الورد ادخره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لي و لم يُعَلِّمْهُ لأحد من أصحابه." يحتوي على تحريف و زيادة و نقصان وهو مخالف للأمانة العلمية و فيه نسيان أو تناسي نقل ما جاء بعده على منوال "ويل للمصلين " أو "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة"
أما التحريف :
. اختراعه للفظ " ادخره " فليس هناك أي أثر لهذه الكلمة البتة
إبداله لفظ "هذا الفضل" بلفظ " هذا الورد "
إبداله لفظ " لم يذكره" ب " لم يعلمه "
إضافته للفظ " لأحد " في قوله لأحد من أصحابه
و النص كما جاء في" الجواهر" أنظر ص 59 طبعة دار الفكر:
(قلت) لسيدنا رضي الله عنه :" و هل كان سيد الوجود صلى الله عليه و سلم عالما بهذا الفضل المتأخر في وقته ؟" قال:" نعم هو عالم به" (قلت) : " و لِمَ لَمْ يذكره لأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين ..."
وهو هنا يتحدث عن الفضل و ليس عن الورد أو عن صلاة الفاتح في حد ذاتها فصلاة الفاتح لما أغلق موجودة ومعروفة قبل الشيخ التجاني رضي الله عنه بمئات السنين وقد صرح الشيخ بذلك وقد ذكر بها الشيخ البكري ولقنها لمريديه وذكر بها غيره من المشايخ رضوان الله عليهم أجمعين .
و قوله : "ولم يعلمه لأحد من أصحابه"، كلام يناقض حقيقة معلومة للجميع وهي أن ورده مؤلف من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا إله إلا الله ، وهي أذكار علمها صلى الله عليه وسلم اتفاقا لأصحابه رضي الله عنهم.
يقول الشيخ إبراهيم انياس في كتابه " الأضواء السطع على المرهفات القطع" :"
الشيخ التجاني رضي الله عنه لم يقل شيئا يدل على نسبة الكتمان إلى النبي في جميع كتبه ووصاياه ولا تصح به رواية عنه، حاشاه رضي الله عنه ، فإنما ذكر وردا أخذه عن سيد الوجود صلى الله عليه وسلم رتبه له وذكر له فضائله وذلك دعوى سبقه الأولياء إليها ...ومع ذلك فورده مما بلغ فليس الورد إلا الاستغفار والصلاة على النبي المختار والهيللة التي هي أفضل الأذكار تقرأ بالعشي والإبكار. وهذه الأذكار كانت الصحابة رضوان الله عليهم عاملين بها ولهم فيها أجر غير ممنون.
و عدم ذكر الرسول صلى الله عليه و سلم فضلها لعموم الصحابة لعلة جائز كما ثبت في حديث معاذ ابن جبل رضي الله عنه في فضل لا إله إلا الله قال:" يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا ؟" قال: "إذاً يتكلوا"، وأخبر بها معاذ عند موته تأثما. كما أن عدم ذكرها لعموم الصحابة لا يعني عدم ذكرها لخاصتهم حيث كان يخص بعض الصحابة ببعض الأمور دون غيرهم و هذا شائع ذائع في أخباره صلى الله عليه و سلم."
أما تناسي نقل ما جاء بعده ، انظر نفس الصفحة :
ثم قال سيدنا رضي الله عنه: "و هذا الفضل المذكور فيم دون الفرائض و أما هي فلا، لحديث" أي الأعمال أفضل يا رسول الله ؟" قال صلى الله عليه و سلم: " الصلاة في أول مواقيتها "
(قلت) لسيدنا رضي الله عنه:" يفهم مما تقدم أن صاحب هذه الصلاة الذي يذكرها، له فضل أكثر من جميع من تقدمه من عباد الله المؤمنين..." قال سيدنا رضي الله عنه:" هو كما ذكرتم من تضعيف الأعمال لصاحبها ، و لكن كل واحد من الصحابة الذين بلّغوا الدين مكتوب في صحيفته جميع أعمال من بعده من وقته إلى هذه الأمة ، فإذا فهم هذا ففضل الصحابة لا مطمع فيه لمن بعدهم و لو كان من أهل الفضل المذكور من هذا الباب لمرتبة الصحبة." ، ثم ضرب مثلا رضي الله عنه لعمل الصحابة مع غيرهم قال :" عملنا معهم كمشي النملة مع سرعة طيران القطاة ..."."
و من هذا يظهر جليا للعيان بطلان و تلفيق المتجني في قوله :" عدم وجود من يظهره الله على يديه تفضيل لنفسه على أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث لا يقدر أن يحمل هذا الورد."
قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"من غشنا فليس منا" ، وليس هنالك خيانة أكبر من الخيانة في العلم والدين، فليس من الدين في شيء أن تنقل عن كتب الطريقة أقوال ليست فيها وغلب التدليس والتحريف على أغلب ما نقل منها.