منتديات أبناء الشريف الكاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات أبناء الشريف الكاب

منتدي ثقافي ديني اجتماعي يهدف الي نشر القيم والمبادئ والارشاد الصوفي السلفي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  احباب الله ثقافة واخلاق  

 

 سراج السالك فى مذهب الامام مالك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشريف حسن الكاب
Admin
الشريف حسن الكاب


عدد المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 26/11/2011
العمر : 51
الموقع : www.facebook.com

سراج السالك فى مذهب الامام مالك Empty
مُساهمةموضوع: سراج السالك فى مذهب الامام مالك   سراج السالك فى مذهب الامام مالك I_icon_minitimeالجمعة يناير 13, 2012 9:55 am

إرْشَادُ السَّالِك إلىَ أَشرَفِ المَسَالِكِ
فِي فقهِ الإمَامِ مَالِك
تأليف الإمام عبد الرحمن شهاب الدين البغدادي


الفهرس
ترجمة المؤلف
مقدمة المؤلف
كتاب الطهارة
كتاب الصلاة
كتاب صلاة المسافر والخوف والجمعة والعيدين والاستسقاء والكسوف
كتاب الجنائز
كتاب الزكاة
كتاب الصيام
كتاب الحج
كتاب الجهاد
كتاب الأيمان
كتاب النذور
كتاب الأضحية والعقيقة والصيد والذبائح
كتاب الأَطعمة والأَشربة
كتاب النكاح
كتاب الطلاق
كتاب العدة والاستبراء
كتاب البيوع
كتاب الإجارة
كتاب القراض والشركة والمساقاة والرهن والوكالة
كتاب الحجر والصلح والحمالة والحوالة
كتاب الشفعة والقسمة
كتاب الاحياء والارتفاق والغصب والاستحقاق
كتاب اللقطة
كتاب الإقرار والهبة والصدقة والعمرى والرقبى
كتاب الوقف
كتاب الجنايات
كتاب الحدود
كتاب الأَقضية وما يتعلق بها
كتاب العتق والولاء والكتابة والتدبير والاستيلاد
كتاب الوصايا
كتاب المواريث
كتاب جامع

بسم اللّه الرحمن الرحيم والحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وشفيع المسلمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن هذا الكتاب (إرشاد السالك) في الفقه المالكي من أخصر المتون وأجمعها للأحكام الفقهية، فقد اشتمل على أحكام كثيرة لا توجد إلا في المطولات، كما أنه ترك أحكاماً أُخرى زدتها عليه في هامشه حتى تكون فائدته تامة، واستيعابه شاملاً، ولا شك أن القارئ سيجد في كثير من مواضع الكتاب غموضاً كان يجب أن يوضح بالشرح ولكني مقيد بالوقت القصير، وبالرغبة في الاختصار على ما كان، ولولا ذلك لشرحته شرحاً واسعاً يجعله في مصاف الكتب الكبيرة التي لا يحتاج الناظر فيها إلى الاطلاع على غيرها، ولعل اللّه يوفق في وقت قريب إلى تحقيق ما أصبو إليه ويصبو إليه كل محب للدين عامل على نشره بنشر كتبه، إنه نعم المولى ونعم المعين ونعم النصير.
طريقة الكتاب: يسير هذا الكتاب على طريقة مالكية العراق. ولهم آراء في الفقه تخالف آراء غيرهم من مالكية الأقطار الأخرى، فقد ترى فيه الرأي راجحاً قوياً وهو ضعيف عند غير العراقيين، وقد ترى فيه الرأي ضعيفاً وهو مشهور قوي عند غيرهم أيضاً، غير أن هذه الآراء المذكورة في هذا الكتاب مع مخالفتها لغيرها قد تكون قوية في الواقع مؤيدة بالدليل الذي تأويله إلا بعد التمحل والتخريج غير السديد، وقد تكون ضعيفة لا سند لها يمكن التعويل عليه إلا الرغبة في حملها على ما يرى أصحابها وهم في سبيل ذلك يركبون الشطط، ويبعدون عن سواء السبيل.
ومن أمثلة الآراء القوية في الواقع المؤيدة بالدليل قول المؤلف في باب الحيض في الاستمتاع بالحائض (ولا بأس بالاستمتاع بأعاليها شادة عليها إزارها) فإن المعتمد في مذهب مالك أنه يجوز للزوج الاستمتاع بأعالي بدن زوجته وأسافله حتى مباشرة ما بين السرة والركبة ما عدا الجماع، ولكن رأي المؤلف هو الأرجح لأن النبي صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم كان يأمر نساءه أثناء الحيض بلبس الإزار ويقصر تمتعه على غير ذلك قالت عائشة رضي اللّه عنها في هذه المسألة (وكان يأمرنا أن نأتزر) أي نلبس الإزار، ولأن مباشرة ما بين السرة والركبة ربما أدت إلى الجماع المحرم فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ومن أمثلة الآراء الضعيفة التي لا يسندها دليل قوي قوله في الصوم في المفطر أن (لا بدخول ذباب وغبار أو حقنة الخ) أي لا يفطر الصائم بدخول ذلك جوفه، فقد جعل الحقنة غير مفطرة وأطلق ذلك والصحيح أن الحقنة الشرجية مفطرة وأن الحقنة التي لا تفطر هي الحقنة في إحليل الذكر لأنها لا تصل إلى المعدة والأمعاء وكذلك في قبل المرأة على رأي في المذهب.
وهذا شأن أكثر الكتب فيها القوي والضعيف والغث والسمين. والمؤلف الأجر (1) إن شاء اللّه مادام يقصد بعمله وجه اللّه ويخلص وجهه إلى اللّه، نسأله تعالى أن يبصرنا بالصواب وأن يرعانا بعنايته، وأن يهدينا سواء السبيل.
طه الزيني.
------------
(1) ["والمؤلف الأجر": هكذا في نسخة الشركة الإفريقية، ولعله "وللمؤلف الأجر..."، وهو سياق المعنى. دار الحديث]
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترجمة المؤلف
- -هو: عبد الرحمن بن محمد بن عسكر شهاب الدين البغدادي المالكي، مدرس المدرسة المستنصرية، كان فقيهاً عالماً زاهداً سالكاً طريق الزهد والصلاح والعبادة، وله في ذلك تأليف حسن، وله التصانيف الحسنة المفيدة منها كتاب المعتمد في الفقه. غزير العلم، ذكر فيه مشهور الأقوال غالباً، وكتاب العمدة في الفقه. وكتاب الإرشاد أبدع فيه كل الإبداع جعله مختصراً وحشاه بمسائل وفروع لم تحوها المطولات مع إيجاز بليغ، وله في الحديث وغيره تآليف مشهورة. كان مشاركاً في علوم جمة وكتبه تدل على فضله، توفي سنة 732 رحمه اللّه تعالى وإيانا، تلقى عنه ولداه القاضيان الفضلان أحمد ومحمد، وقد شرح قاضي المالكية في وقته تاج الدين بهرام بن عبد اللّه الدميري المتوفى سنة 805 كتاب الإرشاد هذا، بشرح واسع في ستة مجلدات كما شرح العلامة الشيخ زروق المتوفى سنة 899 بشرح جيد مفيد.
(مَنْ يُرِدِ اللّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ) (حديث شريف)
الفهرس

مقدمة المؤلف
بِسم اللّه الرَّحمن الرَّحِيم
وَصَلَّى اللّهُ عَلى َسيِّدِنَا مُحَمَّد وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً.
قَالَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الإِمَامُ الْحَافِظُ، الْعَالِمُ الْعَلاَّمَةُ الْمُحَقِّقُ شِهَابُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مُحَمَّد بْنُ عَسْكَرَ المالِكِيُّ الْبَغْدَادِيُّ رَحِمَهُ اللّهُ آمِينَ:
الحَمْدُ لِلّهِ الْهَادِي إلى سَبِيلِ الرَّشَادِ، الْعَالِمِ بِمَا بَطَن وَظَهَرَ مِنْ أَحْوَالِ الْعِبَادِ، جَاعِلِ الْعُلَمَاءِ (1) وَاسِطَةً فِي بَيَانِ الأَحْكَامِ (2)، فَارِقِينَ بِمَا عَلَّمَهُمْ بَيْنَ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ، فَالرَّابِحُ مَنْ فَازَ بِمُتَابَعَتِهِمْ، وَالْخَاسِرُ مَنْ حَادَ عَنْ مُصَاحَبَتِهِمْ، وَصَلَوَاتُهُ وَسَلامُهُ عَلى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الدَّاعِي إِلى دَارِ السَّلامِ، الْمُبَشِّرُ بِمَا فِيهَا مِنَ التَّفْضِيلِ وَالإِكْرَامِ، وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْبَرَرَةِ الْكِرَامِ، صَلاةً تُوجِبُ لَهُمْ مَزِيدَ الْفَضْلِ وَاْلإِنْعَامِ.
وَبَعْدُ: فَإِنَّ الْوَلَدَ السَّعِيدَ وَفَّقَهُ اللّهُ تَعَالى لَمَّا رَاهَقَ سِنَّ الرَّشَادِ، وَنَاهَزَ أَنْ يَنْتَظِمَ فِي سِلْكِ أَهْلِ السَّدَادِ، سَأَلَنِي أَنْ أَضَعَ لَهُ كِتَاباً يَكُونُ مَعَ كَثْرَةِ مَعَانِيهِ، وَجِيزَ اللَّفْظِ، سَهْلَ التَّنَاوُلِ وَالْحِفْظِ، فَاسْتَخَرْتُ اللّهَ تَعَالى، وَجَمَعْتُ لَهُ هذَا الْمُخْتَصَرَ، وَأَوْدَعْتُهُ جَزِيلاً مِنَ الْجَوَاهِرِ وَالدُّرَرِ، وَسَمَّيْتُهُ:
إِرْشاد السالك، إِلى أَشرف المسالك
عَلى مَذْهَبِ (3) اْلإِمَامِ اْلأَعْظَمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَالِكٍ، قَدَّس اللّهُ رُوحَهُ، وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ، وَعَلى اللّهِ الْمُعْتَمَدُ فِي بُلُوغِ التَّكْمِيلِ، وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
----------------------------------
(1) العلماء جمع عالم والعالم في عرف الشرع هو المجتهد لأن به تقوم الحجة وهو المراد بقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم، إن اللّه يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها، رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح. أما المقلد فليس بعالم وإنما هو مجرد ناقل فيعتبر في قبول نقله ما يعتبر في قبول الراوي من الشروط. حسبما بين في كتب الأصول وأغلب الناس اليوم يعتقدون فيمن أخذ شهادة من الأزهر أو غيره أنه عالم تنطبق عليه الأحاديث الواردة في فضل العلماء وهو اعتقاد خطأ لا يسنده الواقع، ولا يؤيده الدليل.
(2) الأحكام، جمع حكم بضم الحاء، وهو خطاب اللّه تعالى بأفعال المكلفين.
فان تعلق بطلب على سبيل التحتم نحو {أقيموا الصلاة} فالخطاب إيجاب، والفعل المطلوب، وهو الصلاة، واجب.
وإن تعلق بطلب الفعل من غير تحتيم نحو {وافعلوا الخير} فندب، والفعل المطلوب مندوب.
وإن تعلق بطلب مترك تحتماً نحو {ولا تقربوا الزنا} فتحريم، والفعل المطلوب تركه، وهو الزنا، محرم.
وإن تعلق بطلب الترك من غير تحتيم نحو {ولا يأتل أولو الفضل منكم} فكراهة، والفعل المطلوب تركه، وهو الائتلاء على حرمان الأقارب، مكروه.
وإن أجاز الخطاب الفعل والترك فإباحة، والفعل مباح.
وذلك كسائر المباحات المعروفة.
فهذه أقسام الحكم الخمسة التي يتكلم عنها علم الفقه. زاد ابن السبكي قسماً سادساً سماه خلاف الأولى وهو داخل في المكروه ويعبر عنه المتقدمون بالمكروه الخفيف
(تنبيه) يسمى الواجب فرضاً وحتماً ومكتوباً، ويسمى المحرم حراماً ومحظوراً وممنوعاً، ويسمى المندوب سنة ونفلاً وتطوعاً ومرغباً فيه ورغيبة وحسناً، ويسمى المباح جائزاً وحلالاً.
(3) مذهب اسم مكان الذهاب وهو هنا مجاز إذ المراد به ما ذهب إليه مالك رحمه اللّه تعالى من الأحكام الفقهية وما رآه فيها بحسب اجتهاده على أساس الأصول التي اختارها وبنى اجتهاده عليها وهي سبعة عشر أصلاً: نص الكتاب، وظاهره أي العموم، ودليله - أي مفهوم المخالفة - ويسمى دليل الخطاب، ومفهوم الكتاب وهو مفهوم الموافقة الأولوي، وشبهه - أي الكتاب وهو للتنبيه على العلة. ومثل هذه الخمسة من السنة. والإجماع، والقياس، وعمل أهل المدينة، وقول الصحابي، والاستحسان، وسد الذرائع، والاستصحاب.
أما مراعاة الخلاف فلا يعتبرها دائماً بل بحسب ما تدعو إليها الحاجة.
وقد توسع متأخروا المالكية في الاستحسان وسد الذرائع، وفي دعوى عمل أهل المدينة توسعاً خارجاً عن حد المعقول كما تبين من مراجعة كتب العمليات والنوازل.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الطهارة (1)
- لا يَرْفَعُ الْحَدَثَ (2) وَاَلْخَبَثَ إِلاَّ اَلْمَاءُ اَلْمُطْلَقُ. وَهُوَ مَا كَانَ عَلى خِلْقَتِهِ أَوْ تَغَيَّرَ بِمَا لا يَنْفَكُّ غَالِباً كَقَرَارِهِ (3)، وَاَلْمُتَوَلِّدِ مِنْهُ (4) وَيُكْرَهُ اَلْوُضُوءُ بِالْمُسْتَعْمَلِ (5) وَيَسِيرٌٍ حَلَّتْه نَجَاسَةً لَمْ تُغَيِّرْهُ (6)، وَسُؤْرِ مَا لا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ لا مَا أَفْضَلَتْهُ اَلْبَهَائِمُ، أَوْ تَطَهَّرَتْ مِنْهُ امْرَأَةٌ خَلَتْ بِهِ، وَمَا تَغَيَّرَ بِمُخَالَطَةِ أَجْنَبِيٍّ كَالْخَلِّ وَالْبَوْلِ سَلَبَهُ الطُّهُورِيَّةَ، وَأَكْسَبَهُ حُكْمَهُ، وَيُكْرَهُ مِنْ آنِيَةِ عِظَامِ الْمَيْتَةِ وَجِلْدِهَا (7)، وَيَحْرُمُ مِنَ النَّقْدَيْنِ وَيُجْزِئُ (Cool، وَيَجِبُ التَّحَرِّي فِي اشْتِبَاهِ الطَّاهِرِ بِالنَّجِسِ فَيَتَوَضَّأُ بِمَا يَغْلِبُ عَلى ظَنِّهِ طَهَارَتُهُ وَقِيلَ يَتَوَضَّأُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيُصَلِّي وَيَغْسِلُ أَعْضَاءَهُ مِنَ الثَّانِي، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُصَلِّي، فَإِنْ كَثُرَتْ زَادَ عَلى عَدَدِ النَّجَاسَةِ وَاحِدَةً (9) وَإِذَا مَاتَ بَرِّيٌّ ذُو نَفْسٍ (10) سَائِلَةٍ فِي بِئْرٍ، فَإِنْ تَغَيَّرَ وَجَبَ نَزْحُهُحَتَّى يَزُولَ التَّغَيُّرُ، فَإِنْ زَالَ بِنَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ عَوْدُهُ إِلى أَصْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرِ اسْتُحِبَّ النَّزْحُ بِحَسَبِ الْمَاءِ وَالْمَيْتَةِ.
----------------------------------
(1) الطهارة بفتح الطاء معناها التطهير وأما بضمها فهي الماء أو التراب الذي يتطهر به وأما بكسرها فهي ما يضاف إلى الماء من صابون ونحوه وبدأ المؤلف بالطهارة لأنها مفتاح الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين.
(2) الحدث وصف يقوم بالجسم أو بأعضاء الوضوء يمنع صحة صلاة قبل زواله وسببه الجنابة أو الحيض والنفاس أو خروج شيء من السبيلين أو غير ذلك كما سيأتي في أسباب الحدث، والخبث هو النجاسة، ومعنى رفعها تطهيرها بإزالة عينها وطعمها وريحها بالماء أو في الاستنجاء.
(3) قرار الماء الأرض أو قاع الحوض ونحوه مما يحوي الماء.
(4) والمتولد منه كبعض النباتات الخضراء التي تتولد بنفسها من وجود الماء كالطحلب والأعشاب الصغيرة والسمك والدود ونحوها.
(5) يكره أن يتوضأ الشخص بالماء المستعمل بشروط ثلاثة:
-1- أن يكون الماء يسيراً لا كثيراً فلو كان كثيراً واستعمل قبل ذلك في رفع حدث فلا يضر ويجوز الوضوء به. -2- أن يكون استعمل في رفع حدث سابق على الاستعمال الثاني. -3- أن يكون استعماله ثانياً في رفع حدث أيضاً فلو استعمل الماء المستعمل أولاً في رفع حدث لإزالة حكم نجس جاز ذلك ولم يضره الاستعمال الأول.
(6) أي يكره الوضوء بالماء القليل الذي فيه نجاسة لم تغيره فإذا غيرته لم يصح به الوضوء.
(7) أي يكره الوضوء بالماء الموضوع في آنية من عظام الميتة أو من جلدها.
(Cool أي يحرم الوضوء من آنية الذهب والفضة ولكنه يجزئ الوضوء به يرفع الحدث.
(9) هذا ما مشى عليه خليل حيث قال: وإذا اشتبه طهور بمتنجس أو نجس صلى بعدد النجس وزيادة إناء أ هـ.
(10) أي له دم يسيل، فإذا لم يكن الميت له دم يسيل كالجراد والذباب فلا يضر موته الماء إذا كثر كثرة تغير الماء، وقوله بري خرج البحري كالسمك ونحوه مما لا يعيش إلا في الماء فلا تضر ميتته.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الْمَيْتَاتُ وَالْمُسْكِرَاتُ
- الْمَيْتَاتُ وَالْمُسْكِرَاتُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ إِلاَّ دَوَابُّ ومَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ (1) وَأَجْزَاءُ الْمَيْتَةِ نَجِسَةٌ إِلاَّ الشُّعُورُ وَمُشْبِهُهَا مِنَ الرِّيشِ، وَفِي طَرَفِ الْقَرْنِ وَالظَّلْفِ وَالْعَاجِ خِلافٌ (2). وَمَا أُبِينَ (3) مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيْتَةٌ، وَفِي طَهَارَةِ جِلْدِهَا بِالدِّبَاغِ خِلافٌ (4)، وَسُؤْرُ (5) الْحَيَوَانِ وَعَرَقُهُ طَاهِرٌ إِلاَّ مَا يَتَنَاوَلُ النَّجَاسَةَ فَيُكْرَهُ إِلاَّ مَا كَانَ عَلى فِيهِ نَجَاسَةٌ ظَاهِرَة فَيَكُونُ حُكْمُ سُؤْرِهِ حُكْمَ مَا حَلَّتْهُ، وَيَجِبُ غَسْلُ الإِنَاءِ مِن وُلُوغِ الْكَلْبِ فِي الْمَاءِ سَبْعاً، وَفي إِلْحَاقِ الْخِنْزِيرِ بِهِ، وَإِنَاءِ غَيْرِ الْمَاءِ وَالاِنَتِفَاعِ: بِمَا فِيهِ خِلافٌ وَلا خِلافَ فِي نَجَاسَةِ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ (6) وَالأَرْوَاثُ وَالأَبْوَالُ وَالْمَنْيُ تَوَابِعٌ (7) إِلاَّ أَنْ يَتَغَذَّى الْمَأْكُولُ بِنَجَاسَةٍ فَيَنْجُسُ رَوْثُهُ وَبَوْلُهُ لا لَحْمُهُ وَفِي لَبَنِهِ وَبَيْضِهِ وَرَمَادِ النَّجَاسَةِ وَالْمُسْتَحْجِرِ مِنَ الْخَمْرِ فِي أَوَانِيهَا خِلافٌ وَفِي الآدَمِيِّ لا خِلافَ فِي نَجَاسَةِ الْبَوْلِ وَالْعَذْرَةِ وَالدَّمِ وَشِبْهِهِ وَالْقَيْءِ الْمُتَغَيِّرِ عَنْ حَالِ الطَّعَامِ وَلا خِلافَ فِي طَهَارَةِ الدَّمْعِ وَالبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ وَاللَّبَنِ، وَالْمَشْهُورُ نَجَاسَةُ مَنِيِّهِ، وَهَلُ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ قَوْلانِ (Cool وَالْمِسْكُ طَاهِرٌ، وَإِذَا مَاتَتْ فَأْرَةٌ وَنَحْوُهَا فِي زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ جَامِد وَنَحْوِهِ طُرِحَتْ وَمَا حَوْلَهَا، وَفِي مَائِعٍ يَنْجُسُ، وَلا تَطْهُرُ أَوَانِي الْخَمْرِ بِغَسْلِهَا وَيَكْفِي فِي الصَّقِيلِ كَالسَّيْفِ مُبَالَغَةُ الْمَسْحِ.
----------------------------------
(1) مثل ذلك ميتة الآدمي فهي طاهرة على الصحيح ولو كان الميت كافراً لقوله تعالى {ولقد كرمنا بني آدم}.
(2) أظهره النجاسة. وقيل يكره تنزيهاً.
(3) أي ما قطع من الحي كرجل وذراع أو قطعة من لحمه وهو حي فهو ميتة يحكم لها بما يحكم للحيوان بعد موته.
(4) الراجح في المذهب عدم طهارة الجلد، بالدباغ، وأما قوله صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم "أيما إهاب دبغ فقد طهر" والإهاب الجلد فمحمول على الطهارة اللغوية وبعض أهل المذهب جمله على الطهارة الشرعية حملاً لألفاظ الشارع على الحقائق الشرعية وعلى هذا الرأي بالطهارة أبو حنيفة والشافعي وأحمد ولكنه ضعيف عند المالكية.
(5) سؤر الحيوان أي ما يبقى بعد شربه.
(6) أي السائل أما الدم الجامد كالكبد والطحال فهي طاهرة.
(7) فهي من مأكول اللحم المباح طاهرة ومن المحرم والمكروه نجسة.
(Cool الصحيح أن الإنسان طاهر في حياته وبعد موته، لأن أحد الصحابة قابل رسول اللّه صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم وهو جنب فاستخفى منه إلى أن اغتسل ثم لقيه صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم فقال الصحابي: قابلتك وأنا أجنب فكرهت لقاءك وأنا نجس فقال النبي صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم: "سبحان اللّه إن المؤمن لا ينجس حيّاً ولا ميتاً".
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) آداب الحاجة
- مُريد الْبَرَازِ (1) فِي الصَّحْرَاءِ يَطْلُبُ مَوْضِعاً مُطْمَئِنّاً رَخْواً بَعِيداً عَنِ النَّاِس لا يَسْتَقْبِلُ وَلا يَسْتَدْبِرُهَا وَلا يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنَ الأَرْضِ وَيَتَّقِي الظِّلَّ وَالشَّاطِئَ الرَّاكِدَ (2) وَالْحَجَرَ، وَفِي الْكَنِيفِ يُزِيلُ عَنْهُ اسْمَ اللّهِ تَعَالى، يُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى قَائِلاً: بِسْمِ اللّهِ أَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ، وَمِنَ الرِّجْسِ النَّجِسِ، وَمِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَالْيُمْنَى فِي الْخُرُوجِ قَائِلاً: الْحَمُد لِلّهِ الّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الأَذَى وَعَافَانِي، وَيَجْتَهِدُ فِي الاِسْتِبْرَاءِ وَيَسْتَجْمِرُ بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ وَفِي مَعْنَاهَا كُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٍ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ، وَيُجْزِئُ الْوَاحِدُ إِنْ أَنْقَى (3)، وَيَزِيدُ عَلَيْهَا إِنِ احْتَاجَ وَالْمَاءُ أَفْضَلُ كَجَمْعِهِمَا وَيَتَعَيَّنُ فِي الْمَذْيِ عَلى الْمَشْهُورِ، وَهَلْ يَغْسِلُ مِنْهُ جَمِيعَ الذَّكَرِ أَوِ الْمَخْرَجِ قَوْلانِ (4)، وَيَسْتَجْمِرُ بِشِمَالِهِ يَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ قَبْلَ مُلاقاتِهَا الأَذَى يَبْتَدِئُ بِقُبُلِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيها خَاتَمٌ فِيهِ ذِكْرُ اللّهِ نَقَلَهُ إِلى الْيُمْنَى.
----------------------------------
(1) البراز بفتح الباء قضاء الحاجة أما بكسر الباء فهو مصدر بارزه برازاً ومبارزة إذا خرج للقائه في الحرب.
(2) أي الماء الراكد الذي لا يجري لأن البراز فيه يسبب انتشار الأمراض التي تفتك بصحة بني الإنسان كالبلهارسيا والأسْكَارِس ونحوهما، مما أخر صحة الفلاحين وجعلهم قليلي العمل والإنتاج.
(3) أي يكفي الحجر الواحد في الاستنجاء إذا أزال النجاسة وجعل موضعها نقياً منها.
(4) أرجحهما الأول.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) فُرُوضُ الْوُضُوءِ
- فُرُوضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ الْوَجْهِ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ إِلى آخِرِ الذَّقْنِ أَوِ اللِّحْيَةِ (1)، وَمِنَ الأُذُنِ إِلى الأُذُنِ، وَغَسْلُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْس مُبَاشَرَةً وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ وَفِي تَخْلِيلِ الأَصَابِعِ خِلافٌ (2)، وَالْمَوالاةُ (3) مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ، فَفِي النِّسْيَانِ مُطْلَقاً، وَفِي الْعَجْزِ مَا لَمْ يَطُلِ الْفصل وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ. فَفِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ (4)، يَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوِ اسْتِبَاحَةَ مَا يَمْنَعُهُ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَقِيلَ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ وَاسْتِدَامَتُهَا شَرْط إِلى آخِرِهِ، وَلا يُضُرُّهُ اخْتِلاسُهَا مَا لَمْ يَقْصِدْ رَفْضَهَا وَالدَّلْكُ فِي الْمَغْسُولِ كَانَتْ صُغْرَى أَوْ كُبْرَى وَالْغُسْلُ مَرَّةً يُسْقِطُ الْفَرْضَ إِنْ أَوْعَبَ، وَسُنَنُهُ: غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا فِي الإِنَاءِ مَا لَمْ يَكُنْ بِهِمَا أَذًى فَيَجِبُ، وَالْمَضْمَضَةُ وَالاِسْتِنْشَاقُ وَيَسْتَنْثِرُ بِشِمَالِهِ، وَيَجْزِيَانِ بِغَرْفَةٍ وَإِفْرَادُ كُلّ بِغَرْفَةٍ أَفْضَلُ، وَمَسْحُ الأُذُنَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ ظَاهِراً وَبَاطِناً، وَالتَّرْتِيبُ عَلى الْمَشُهورِ، فَمَنْ نَكَّسَ أًعَادَ مَا نَكَّسَهُ (5)، وَالْبَدْءُ بِمُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَالرَّدُّ إِلَيْهِ. وَفَضَائِلُهُ التَّسْمِيةُ وَالسِّوَاك وَبِالأَرَاكِ الأَخْضَرِ (6) أَفْضَلُ لِغَيْرِ الصَّائِمِ، وَفِي عَدَمِهِ يَسْتَاك بِأُصْبُعِهِ، وَمَنْ نَسِيَ فَرْضاً أَتَى بِهِ وَبِالصَّلاةِ، وَسُنَّةً جَعَلَهَا لِما يَسْتَقْبِلُ.
----------------------------------
(1) هذا حد الوجه طولاً وعرضاً ما ذكره المؤلف بقوله من الأذن إلى الأذن.
(2) الراجح الوجوب في أصابع اليدين والندب في أصابع الرجلين.
(3) الموالاة هي عدم الفصل بين غسل العضو والذي يليه فصلاً طويلاً.
(4) أما طهارة الخبث فلا تجب فيها النية لأنها إزالة نجاسة إلا المذي ففي وجوب النية في غسله قولن أرجحهما الوجوب.
(5) التنكيس هو مخالفة الترتيب الوارد في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} فمن غسل يديه قبل وجهه وجب عليه العود إلى غسل وجهه ثم غسل يديه بعد ذلك فغسل العضو في غير محله يعتبر لاغياً ويعاد.
(6) الأراك شجر معروف تؤخذ منه عيدان السواك.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) نواقضُ الوضوء
- يَنْقُضُه الْخَرِجُ الْمُعْتَادُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ لا النَّاِدُر وَالسَّلَسُ (1) وَسَلَسُ الْمَذْيِ لِطُولِ الْعُزْبَةِ كَالْمُعْتَادِ، وَمَسُّ الذَّكَرِ بِبَاطِنِ الْكَفِّ، وَالأَصابِعِ لا الدُّبُرِ، وَفِي مَسُّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا خِلاف (2)، وَلَمْسُ النِّسَاءِ لِلَّذَّةِ وَلَوْ مَحْرَماً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ لا يَمْنَعُهَا اللَّذَّةَ وَلَو ظُفْراً أَوْ سِنّاً أَوْ شَعْراً الَّلامِسُ وَالْمَلْمُوسُ سَوَاءٌ، وبِزَوالِ الْعَقْلِ بِجُنُونٍ أَوْ إِغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ نَوْمٍ مُسْتَثْقَلٍ وَلَوْ فِي الصَّلاةِ أَوْ جَالِساً غَيْرَ مُسْتَنِد، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الرِّدَّةَ مُبْطِلٌ، وَالشَّكُّ فِي الْحَدَثِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ مُوجِبٌ (3)، وَالْحَدَثُ يَمْنَعُ فِعْلَ كُلِّ مَا يُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ وَحَمْلُ الْمُصْحَفِ وَلَوْ بِحَائِلٍ أَوْ عِلاقَةٍ، لا بَيْنَ أَمْتِعَةٍ قُصِدَ حَمْلُهَا.
------------------------------------
(1) السلس خروج الشيء باستمرار أو مع القطع بفاصل قليل جداً.
(2) الراجح عدم النقض إلا إن ألطفت، وقيل ولو ألطفت. والإلطاف أن تدخل المرأة يدها بين شفري فرجها.
(3) أي موجب للطهارة وهذا إذا لم يكثر الشك عند الشخص بحيث يصير عادة له وهو المعروف عند الناس في هذه الأيام بالموسوس فإنه لا يتطهر وينهى عن الاسترسال في شكه، ومذهب الأئمة الثلاثة عدم وجوب الطهارة ويبنى على الأصل ما دام متيقناً الطهارة قبل الشك، وهذا أرجح مما عليه المالكية.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الغسل
- الْغُسْلُ يُوجِبُهُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ عَلى الْعَادَةِ (1) وَلَو فِي النَّوْمِ وَإِيلاجُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا فِي فَرْجٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يَلْزمهَا (2) إِلاَّ أَن تُنْزِلَ أَوْ يَكُونَ مُرَاهِقاً، وَهَل يُؤْمَرُ بِهِ تَمْرِيناً قَوْلانِ: وَلَوْ عَزَلَ (3) أَوْ وَطِئَ بَيْنَ الْفَخذَيْنِ فَسَبَقَ الْمَاءُ إِلى فَرْجِهَا فَأَنْزَلَتْ أَوِ الْتَذَّتْ لَزِمَهَا (4) وَانْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنَّفَاسِ وَخُرُوجُ الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ تَرَ دَماً، وَإِسْلامُ الْكَافِرِ، وَيَجْزِيهِ عِنْدَ اعْتِقَادِهِ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهِ يَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ، فَإِنْ عَدِمَ الْمَاءَ تَيَمَّمَ، يَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْهِ، وَالأَذَى عَنْ بَدَنِهِ.
وَمَسْنُونُهُ الْمَضْمَضَةُ وَالاِسْتِنْشَاقُ وَالْوُضُوءُ يَنْوِي بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ وَيُخَلِّلُ أُصُولَ شَعْرِ رَأْسِهِ حَتَّى يَرْوِي بهَا وَيَعُمَّ سَائِرَ جَسَدِهِ فَإِنْ بَقِيَتْ لُمْعَةٌ لَمْ يُجْزِهِ، وَلا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ نَقْضُ ضَفَائِرِهَا بَلْ تُحَرِّكُهُ حَتَّى تَرْوِيهِ وَيُجْزِئُ عَنِ الْحَدَثِ الأَصْغَرِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ، وَيُجْزِئُهَا لِلْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ غَسْلٌ وَاحِدٌ إِذَا نَوَتْهُمَا: وَصِفَةُ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ، وَيُجْزِئُ الْوَاجِبُ عَنْ غَيْرهِ بِخِلافِ عَكْسِهِ وَلا حَدَّ لِقَدْرِ الْمَاءِ بَلْ بِحَسَبِ حَالِهِ، وَلِلْجُنُبِ الأَكْلُ وَتَكْرَارُ الْجِمَاعِ وَالنَّوْمُ قَبْلَ غُسْلِهِ لكِنْ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِلنَّوْمِ (5) وَلَهُ تِلاوَةُ الآيَاتِ وَيُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِلنَّوْم، وَيَمْنَعُ الْحَدَثُ الأَكْبَرُ مَا يَمْنَعُهُ الأَصْغَرُ، وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ وَتِلاوَةُ الْقُرْآنِ إِلاَّ أَنْ تَخَافَ الْحَائِضُ النِّسْيَانَ، وَمَنْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ مَنِيّاً وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْلاماً اغْتَسَلَ وَأَعَادَ مَا صَلَّى فِيهِ مَا بَيْنَ نَوْمِهِ (6) وَرُؤْيَتِهِ.
-------------------------------------
(1) أي بغير مرض فلو مرض شخص وصار خروج المني منه أمراً عادياً لا تصحبه لذة ولا تدفق فلا يكون موجباً للغسل، والمراد خروجه من الحشفة، أما خروجه من الخصيين إلى قصبة الذكر فلا يوجب غسله.
(2) أي لم يلزم المرأة الغسل إلا إذا أنزلت هي أو كان غير البالغ مرهقاً أي قربياً من البلوغ فيجب الغسل على المرأة المجامعة، هذا رأي المؤلف، والمعتمد أنه لا يجب الغسل ولو كان غير مراهق إلا في حالة إنزالها فقط، ومع ذلك فيندب لغير البالغ الغسل كما يندب للصغيرة التي جومعت أن تغتسل تمريناً لها على هذه العبادة الفضلى.
(3) أي أخرج ذكره عند إرادة الإنزال من الفرج لينزل خارجه.
(4) المراد لزمها الغسل وهو راجح إلى الإنزال والالتذاذ، ومعلوم أن المؤلف ذكر مسألتين هما: العزل والوطء بين الفخذيين أما مسألة العزل فيجب فيها الغسل على المرأة مطلقاً سواء أنزلت أو لم تنزل وسواء التذت لأم لم تلتذ لأن دخول الحشفة أو قدرها موجب للغسل على الرجل والمرأة البالغين وأما مسألة الوطء بين الفخذين وسبق الماء إلى فرج المرأة فلا يجب عليها الغسل إلا إذا أنزلت سواء التذت أم لا، أما إذا التذت ولم تنزل فالمعتمد عدم وجوب الغسل عليها.
(5) أي يستحب للجنب إذا أراد النوم بعد جماعه أن يتوضأ وضوءاً كاملاً كوضوء الصلاة وهذا الوضوء لا ينقضه إلا الجماع بخلاف وضوء الصلاة فتنقضه نواقض الوضوء المعروفة وبهذا يلغز فيقال لا ينقضه بول ولا غائط.
(6) من آخر نومة نامها إن لم يتأكد نزول المني قبل ذلك وأما من ذكر احتلاماً ولم ير منياً فلا غسل عليه.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) المسح على الجبائر
- جَرِيحُ أَكْثَرِ جَسَدِهِ أَوْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ لا يُجْزِيهِ غَسْلُ الصَّحِيحِ وَالْمَسْحُ (1)، بِخِلافِ الْجَرْحِ الْيَسِيرِ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلى الْجَبَائِرِ وَالْعَصَائِبِ الْمُضْطَّرِّ إِلَيْهِمَا، وَإِنْ شَدَّهُمَا مُحْدِثاً أَوْ تَجَاوَزَتِ الْمَجْرُوحَ فَإِنْ نَزَعَهُمَا لِلتَّدَاوِي بَادَرَ إِلى مَسْحِهِمَا بَعْدَ شَدِّهِمَا، وَلِغَائِهِ غَسَلَ مَوْضِعَهُمَا، وَإِنْ سَقَطَتْ فِي الصَّلاةِ قَطَعَ وَفَعَلَ مَا لَزِمَهُ وَابْتَدَأَ، وَفِي حُكْمِ الْجَبِيرَةِ عِصَابَةُ الْفِصَادِ يَخَافُ انْفِجَارَهُ وَقِرْطَاسُ الصِّدْغِ وَكِسْوَةُ الظِّفْرِ وَدَوَاءٌ أَوْ غِشَاوَةٌ، وَمَا تَعَذَّرَ مُلاقَاتُهُ بِغَسْلٍ أَوْ مَسْحٍ أَوْ تَيَمُّمٍ سَقَطَ فَرْضُهُ.
------------------------------
(1) الراجح الإجزاء
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) مَسْحُ الْخُفِّ
- مَسْحُ الْخُفِّ جَائِزٌ سَفَراً أَوْ حَضَراً بِشَرْطِ إِمْكَانِ مُتَابَعَةِ الْمَشْيِ بِهِ، وَسَتْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَلبْسِهِ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمُدَّةٍ عَلى المشْهُورِ (1) لكِنْ يُسْتَحَبُّ كُلَّ جُمُعَةٍ نَزْعُهُ لِلْغُسْلِ (2) وَإِدْخَالِ إِحْدى الرِّجْلَيْنِ فَهَلْ غَسْلُ الأُخْرَى يَمْنَعُهُ حَتَّى يَنْزَعَهَا وَيَلْبَسَهَا بَعْدَ غَسْلِ الأُخْرَى، وَالْخَرْقُ الْيَسِيرُ لا يَمْنَعُهُ بِخِلافِ الْكَثِيرِ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ أَكْثَرُ الْقَدَمِ، وَلا يَجُوزُ عَلى غَيْرِ الْخُفِّ، وَفِي مَسْحِ الْجَوْرَبِ الْمُجَلَّدِ، وَالْخُفِّ الأَعْلى قَوْلانِ (3) فَإِنْ نَزَعَه بَعْدَ مَسْحِهِ بَادَرَ إِلى مَسْحِ الأَسْفَلِ، فَإِنْ نَزَعَهُ بَادَرَ إِلى غَسْلِ رِجْلَيْهِ فَإِنْ أَخْرَجَ إِحْدَاهُمَا أَوْ أَكْثَرَ قَدَمِهِ إِلى سَاقِ الْخُفِّ نَزَعَهُمَا وَغَسَلَ، وَالأَفْضَلُ مَسْحُ أَعْلى الْقَدَمِ وَأَسْفَلِهِ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلى أَعْلاهُ أَجْزَأَهُ بِخِلافِ عَكْسِهِ.
----------------------------------------
(1) وفي كتاب السر: للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة واختاره ابن عبد السلام لموافقة حديث علي عليه السلام، وإن كان كتاب السر منكراً عند شيوخ المذهب. وروى أشهب للمسافر ثلاثة أيام وسكت عن المقيم. قال ابن عبد السلام فيحتمل أن يقول بما في كتاب السر ويحتمل أن يقول بعدم المسح للمقيم اهـ "تنبيه" قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير: وقفت على كتاب السر في كراسة لطيفة من رواية الحارث بن مسكين عن عبد الرحمن ابن القاسم عن مالك وهو يشتمل على نوادر من المسائل، وفيها كثير مما يتعلق بالخلفاء. ولأجل هذا سمي كتاب السر اهـ. وقال الشيخ خليل في التوضيح كتاب السر إلى هارون الرشيد أنكره الأبهري وابن القاسم وغيرهما: أبو بكر نظرت فيه فوجدته ينقض بعضه بعضاً لو سمع مالك من تكلم بما فيه لأوجعه ضرباً وقد سئل ابن القاسم عنه فقال لا يعرف لمالك كتاب سرا اهـ. عبارة أبي بكر الأبهري: ومالك رضي اللّه عنه اتقى اللّه أن يخص أحداً في دين اللّه عز وجل أو يراعي في ذلك أحد ولقد نظرت فيه فوجدته. إلخ وذلك رداً لما قيل إن مالكاً كتب كتاب السر إلى الرشيد وخص له فيه أشياء، ولا شك أن مقام مالك أعلى من أن يلصق به هذا الكتاب المشتمل على بعض الطامات.
(2) روى ابن نافع: للمقيم من الجمعة لمثلها اهـ فأطلقه الأكثر وحمله ابن يونس على الندب لغسل الجمعة ووافقه المصنف.
(3) الراجح يسمح عليهما.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) التَّيَمُّمِ
- يَنْتَقِلُ إِلى التَّيَمُّمِ سَفَراً أَوْ حَضَراً لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ تَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِهِ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفِ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَخُّرِ بُرْئِهِ أَوْ حُدُوثِهِ أَوْ سُقُوطِ عُضْوٍ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ (1) أَوْ عَدَمِ مُنَاوِلٍ (2) أَوْ خَوْفِ عَطَشٍ مُتَوَقَّعٍ وَلَوْ عَلى غَيْرِهِ وَلَوْ وَجَدَهْ بِوَقْتٍ لَوْ تَشَاغَلَ بِاسْتِعْمَالِهِ لَخَرَجَ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ، فَمَذْهَبُ المغَارِبَةِ لُزُومُهُ، وَمَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ يَتَيَمَّمُ، وَحَكَاهُ الأَبْهَرِيُّ روَايَةٌ، وَيَتَيَمَّمُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ وَجْهِ الأَرْضِ حَتَّى الصَّلْدِ (3) وَالمعَادِنِ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ عَنْ أَصْلِهَا، وَيَلْزَمُ الْعَادِمَ الطَّلَبُ مَا لَمْ يَتَيَقَّنِ الْعَدَمَ، أَوْ يَكُنْ عَلى مَسَافَةٍ تَشُقُّ عَلى مِثْلِهِ، أَوْ يَخَافُ تَلَفَ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ وَيَطْلُبُهُ الْمُسَافِرُ مِنْ رُفْقَتِهِ، وَيَلْزَمُ شِرَاؤُهُ بِمَا لا يُجْحِفُ بِمَالِهِ وَقَبُولُهُ لا قَبُولُ ثَمَنِهِ، وَأَكْمَلُه بِضَرْبَتَيْن تَعُمُّ وَجْهَهُ وَيُرَاعِى الْوَتَرَةَ وَحَجَاجَ الْعَيْنَيْنِ وَمَوْضِعَ الْعَنْقَفَةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَعْرٌ، وَيَدَيْهِ إِلى المِرْفَقَيْنِ عَلى الْمَنْصُوص يَنْزَعُ خَاتِمَهُ وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلى الْكُوعَيْنِ يَنْوِي بِهِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلاةِ لا رَفْعَ الْحَدَثِ: الأَصْغَرُ وَالأَكْبَرُ سَوَاءٌ (4)، وَيُجْزِئُ قَبْلَ دُخُولِ الصَّلاةِ يَتَيَمَّمُ الْيَائِسُ أَوَّلَهُ وَالرَّاجِي آخِرهُ وَالْمُتَرَدِّدُ وَسَطَهُ، وَوُجَودُ الْمَاءِ قَبْلَ الشُّرُوعِ يُبْطِلُهُ وَفِي أَثْنَائِهَا أَوْ َبْعَد الْفَرَاغِ مِنْهَا لا يَلْزَمُهُ إِعَادَةٌ إِلاَّ مَنْ نَسِيَهُ فِي رَحْلِهِ، وَلا يَجْمَعُ فَرِيضَيْنِ (5) بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ بِخِلافِ النَّوَافِلِ فِي فَوْرٍ أَوْ تَابِعَةِ الْفَرْضِ، وَفِي الْفَوَائِتِ قَوْلانِ (6) وَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالصَّعِيدَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ فَالْمَنْصُوصُ سُقُوطَهَا وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي وَيَقْضِي وَقَالَ أَشْهَبُ: لا يَقْضِي، وَقَالَ أَصْبَغُ لا يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ أَحَدَهُمَا (7).
-----------------------------------------
(1) يعرف ذلك بالعادة بأن يكون مجرباً أن من استعمل الماء في هذه الحالة مرض أو زاد مرضه أو تأخر شفاؤه. أو بإخبار عارف بذلك.
(2) هذا يعتبر فاقد الماء حكماً لأنه يجده ويقدر على استعماله بدون ضرر ولكنه لا يجد من يناوله إياه أو لا يجد آلة إخراجه من بئر مثلاً كأن لا يجد دلواً أو نحوهما فله أن يتيمم مع وجود الماء.
(3) أي يجوز للشخص التيمم على الحجارة الصلبة والمعادن غير الذهب والفضة والجواهر بشرط ألا تتغير عن أصلها. كأن تحرق الحجارة أو الجير ونحوها وتعد للاستعمال أو تصير المعادن مصنوعات من أوان ونحوها. وبشرط أن لا تنتقل الحجارة والمعادن من مواضعها وتصير أموالاً للناس فإذا انتقلت فلا يجوز التيمم عليه.
(4) يعني أن التيمم في النية بسبب الحدث الأصغر أو الأكبر سواء وهي نية استباحة الصلاة. وكذلك طريقة التيمم واحدة وهي مسح الوجه واليدين فقط سواء بدل الوضوء أو الغسل.
(5) ["فريضين": هكذا في نسخة الشركة الإفريقية، ولعله "فرضين"، وهو المعنى المقصود. دار الحديث].
ولا يتيمم للجمعة الشخص الحاضر غير المسافر الصحيح الذي ليس عنده مانع من استعمال الماء، ولا تجزئه الجمعة بهذا التيمم، لأن الجمعة بدل وهو الظهر فينتظر إلى قرب صلاة العصر فربما وجد الماء، والقول بأن الظهر بدل الجمعة ضعيف ومع ذلك بني عليه هذا الحكم وهو مشهور، مبني على ضعيف.
(6) المشهور لا يجمع بينهما. وروى أبو الفرج البغدادي عن مالك فيمن ذكر صلوات أن يصليها بتيمم واحد.
(7) وهذه الأقوال مجموعة في قول القائل:
ومن لم يجد ماء ولا متيمماً * فأربعة الأقوال يحكين مذهبا
يصلي ويقضي عكسه قال مالك * وأصبغ يقضي والأداء لأشهبا
واقتصر في المختصر على قول مالك.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الْحَيْضِ
- لا حَدَّ لأَقَلِّ الْحَيْضِ (1) كَالنَّفَاسِ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً كَمَشْهُورِ أَقَلِّ الطُّهْرِ، وَتَعْتَبِرُ الْمُبْتَدِئَةُ (2) بِأَتْرَابِهَا، فَإِنْ تَجَاوَزَتْهُنْ فَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَتَمَادَى أَكْثَرَهُ، وَرَوَى ابْنُ وَهَب تَسْتَظْهِرُ بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ مَا لَمْ تُجَاوزْ أَكْثَرَهُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ زِيَادٍ تَقْتَصِرُ عَلى عَوَائِدِهِنَّ وَفِي تَجَاوُزِ الْمُعْتَادَةِ عَادَتَهَا رِوَايَاتٌ ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَهيَ مُسْتَمِرَّةُ الطَّهَارَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ مُمَيَّزَةً فَتَعْمَلُ عَلى مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ تَغَيُّرِ الدَّمِ وَبَعْدَهُ طُهْرٌ فَاصِلٌ، وَمَنْ تَقَطَّعَ دَمُهَا فَإِنْ كَانَ الثَّانِي بَعْدَ طُهْرٍ فَحَيْضٌ مُؤْتَنفٌ، وَإِلاَّ فَهُمَا حَيْضَةٌ فَتُلَفِّقُ حَتَّى تَبْلُغَ أَكْثَرَهُ فَإِنْ زَادَ فَمُسْتَحَاضَةٌ وَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ أَيَّام انْقِطَاعِهِ وَتُوطَأُ، وَعَلامَةُ الطُّهْرِ الْجُفُوفُ أَوِ الْقَصَّةُ (3) الْبَيْضَاءُ، وَيُمْنَعُ وَطْؤُهَا قَبْلَ غَسْلِهَا (4)، فَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَلا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلا بَأْسَ بِالاِسْتِمْتَاعِ بِأَعَالِيهَا شَادَّةً عَلَيْهَا إِزَارَهَا (5)، وَتُجْبَرُ الْكِتَابِيَّةُ عَلى الْغُسْلِ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ، وَالْحَامِلُ تَحِيضُ فَإِنْ تَجَاوَزَتْ عَادَتَهَا فَالْمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ كَانَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ تَمَادَتْ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً وَبَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عِشْرِينَ يَوْماً، وَأَجْرَاهَا الْمَغِيرَةُ وَأَشْهَبُ مُجْرَى الْحَائِلِ.
----------------------------------
(1) الحيض لغة السيلان من قولهم حاض الوادي إذا سال ويطلق عليه الضحك كما فسر به قوله تعالى {وامرأته قائمة فضحكت} أي حاضت مقدمة للحمل الذي بشر اللّه به إبراهيم عليه السلام وشرعاً دم أو صفرة أو كدرة خرج بنفسه من قبل من تحمل عادة فهو ثلاثة أنواع: إما دم وهو الأصل، أو صفرة كالصديد الأصفر أو كدرة وهو سائل كدر ليس على ألوان الدماء ومعنى خرج بنفسه أي لا بسبب ولادة ولا فض بكارة لا جرح ولا علاج ولا علة وفساد بالبدن ومعنى من قبل امرأة تحمل عادة أنه لو خرج من الدبر أو من قبل صغيرة لا تحمل أو كبيرة بلغت سن اليأس لا يسمى حيضاً.
(2) المبتدئة التي يأتيها الحيض لأول مرة، وأترابها مثيلاتها من النساء.
(3) القصة البيضاء: ماء أبيض يخرج بعد الحيض يدل على انقطاعه وهو نجس.
(4) فلا يجوز الاستمتاع بها بالوطء قبل الغسل ولو تيممت ولو كانت من أهل التيمم إلا أن يخاف الزوج ضرراً بعدم الوطء.
(5) المعتمد في مذهب مالك أنه يجوز للزوج الاستمتاع بأعالي بدن زوجته وأسافله حتى ما بين السرة والركبة ما عدا الجماع فيجوز له تقبيلها واستمناؤه بيدها وثديها وساقيها مباشرة ما بين السرة والركبة بأي نوع من أنواع الاستمتاع ما عدا الجماع، ومذهب غير المالكية تحريم الاستمتاع بما بين السرة والركبة بغير الجماع لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ولقول عائشة رضي اللّه عنها (وكان يامرنا أن نأتزر) أي انه صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم كان يأمر نساءه في حيضهن أن يلبسن الإزار حتى لا يتمتع بمباشرة ما بين السرة والركبة، فالذي مشى عليه المؤلف هنا قوي في الواقع وإن كان ضعيفاً عند المالكية.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) النِّفَاسِ (1)
- وَالصَّحِيحُ أَنَّ أَكْثَرَ النِّفَاسِ مُعْتَبَرٌ بِالْعَوَايِدِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ سِتِّينَ يَوْماً، وَالظَّاهِرُ أَنَّ المُتَخَلِّلَ بَيْنَ الْوَضْعَيْنِ حَيْضٌ وَقِيلَ نِفَاسٌ فَتَضُمُّ إِلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَتَقْضِي الْحَائِضُ الصَّوْمَ لاَ الصَّلاَةَ (2)، وَالنُّفَسَاءُ مِثْلُهَا فِيمَا يَجِبُ وَيَمْتَنِعُ وَيَجُوزُ، وَاللّهُ أَعْلَمُ.
-----------------------------------------
(1) النفاس دم خرج الولادة ولو سقطا معها. فلو خرج قبل الولادة لأجلها فنفاس عند الأكثر كما في الحطاب. وإن خرج الولد جافاً بلا دم ففي وجوب اغتسالها قولان المشهور منهما الوجوب وهو الراجح من روايتين حكاهما ابن الحاجب.
(2) إنما أمرت الحائض بقضاء الصوم دون الصلاة، نظراً لقلة مدة الصيام التي (تصادفها الحائض) ولكثرة أوقات الصلاة ومشقة قضائها لقول عائشة رضي اللّه عنها (كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة).
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كِتَابُ الصَّلاَةِ (1)
- يَدْخُلُ وَقْتُ الظُّهَرِ بِالزَّوَالِ وَهِيَ زِيَادَةُ الظِّلِّ بَعْدَ غَايَةِ نَقْصِهِ وَآخِرُ الاخْتِيَارِيِّ إِذَا صَارَ ظِلُّ الشَّخْصِ مِثْلِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ وَآخِرُهُ مِثْلَيْهِ وَالْمَغْرِبُ بِالْغُرُوبِ مُقَدَّرٌ بِفِعْلِهَا بَعْدَ تَحْصِيلِ شُرُوطِهَا وَالْعِشَاءُ بِغُرُوبِ الْحُمْرَةِ إِلَى مُنْتَهَى الثُّلُثِ. وَالصُّبْحُ بِالْفَجْر الصَّادقِ إِلَى الإِسْفَارِ الأَعْلَى وَالأَفْضَلُ التَّغْلِيسُ بِهَا، وَتَعْجِيلُ الْمَغْرِبِ وَتَأْخِيرُ الْبَوَاقِي بِمَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ قَدْراً لاَ يَضرُّ بِهِمْ وَالإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي الْحَرِّ وَفِي إِبْرَادِ الْمُنْفَرِدِ قَوْلاَنِ، وَمَنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يُصَلِّ وَيُؤَخِّرُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ الْوُقُوعُ قَبْلَهُ أَعَادَ، وَيُدْرِكُ الْمَعْذُورُ وَالْحَاِئُض إِنْ تَطَهَّرَتْ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقَانِ، وَالصَّبِيُّ يَحْتَلِمُ، وَالْكَافِرُ يُسْلِمُ الظُّهْرَيْنِ لِبَقَاءِ خَمْسِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الطَّهَارَةِ وَالسَّتْرِ وَلِثَلاَثٍ فِي السَّفَرِ وَلِدُونِهِنَّ إِلى رَكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ وَلأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءَيْنِ وَلِدُونِهِنَّ الأَخِيرَةَ وَتَسْقُطُ الأُولَيَانِ، وَالصُّبْحَ لِبَقَاءِ رَكْعَة قَبْلَ الطُّلُوعِ، وَطُرُوُّ الْعُذْرِ لِمِثْلِ ذلِكَ مُسْقِطٌ إِلاَّ النَّوْم وَالنِّسْيَانُ وَالْبُلُوغُ فِي الْوَقْتِ يُوجِبُ الإِعَادَةَ فَرْضاً وَقَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ يُوجبُ إِتْيَانَهَا، وَمَنْ تَطَّهَر وَأَدْرَكَ الْوَقْتَ فَأَحْدَثَ لَزِمَهُ مَا كَانَ أَدْرَكَ وَقْتَهُ، وَكَذلِكَ مَنْ ذَكَرَ صَلاَةً مَنْسِيَّةً، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الصلاة لغة الدعاء وهي في الشرع عبادة ذات أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم. فرضت ليلة الإسراء والمعراج فوق السموات إيذاناً بفضلها وعظم قدرها. والوقت هو الزمان المقدر للباعدة شرعاً وهو نوعان: موسع كوقت الصلاة فإنه يسعها وغيرها. ومضيّق كأيام رمضان فانها لا تسع غير الصوم. وما ذكره المصنف في وقت المغرب هو المشهور. وقال ابن مسلمة يمتد وقتها إلى العشاء واستخرجه ابن عبد البر وابن رشد واللخمي والمازري من كلام الإمام في الموطأ. ابن العربي: هو القول المنصور إذ قاله مالك في كتابه الذي ألفه بيده وقرئ عليه طول عمره ورواه الآلاف من الخلق وهذا هو الراجح وقولهم: المغرب جوهرة فالتقطوها. ليس بحديث.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الأذان
- الأَذَانُ (1) سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِلْمُصَلِّينَ الْفَرْضَ فِي وَقْتِهِ جَمَاعَةً، وَلاَ يُؤَذِّنُ وَلاَ يُقِيمُ إِلاَّ مُسْلِمٌ ذَكَرٌ مُكَلَّفٌ عَارِفٌ بِالأَوْقَاتِ يَشْفَعُ كَلِمَاتِهِ إِلاَّ الأَخِيرَةَ وَيُرَجِّعُ فِي الشَّهَادَتَيْنِ وَيَزِيُد التَّثْوِيبَ فِي الصُّبْحِ، وَلاَ يَجُوزُ قَبْلَ الْوَقْتِ إِلاَّ لَهَا وَالإِقَامَةُ آكَدُ، فَيُقِيمُ الْقَاضِي وَالْمُنْفَرِدُ وَيُوتِرُ كَلِمَاتِهِ إِلاَّ التَّكْبِيرَ صَيِّتاً مُتَطَهِّراً عَلَى عُلُوٍّ مُسْتَقْبِلاً، وَلاَ بَأْسَ بِتَصَفُّحِهِ يَمِيناً وَشِمَالاً، وَلاَ يَشْتَغِلُ بِالأَكْلِ وَالْكَلاَمِ وَيَبْنِي لِيَسِيرِهِ وَالأَعْمَى يُقَلِّد عَارِفاً بِالْوَقْتِ وَلاَ يُؤَذِّنُ لِلْقَضَاءِ، لاَ الْمُنْفَرِدُ وَالنِّسَاءُ وَيُقِمْنَ لأَنْفُسِهنَّ، وَيُنْدَبُ لِسَامِعِهِ حِكَايَتُهُ، وَيُبْدِلُ الْحَوْقَلَةَ مِنَ الْحَيْعَلَهِ وَفِي النَّافِلَةِ يَحْكِي إِلَى مُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّداً الْوَسِلَةَ وَالْفَضِلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ. اللَّهُمَّ اسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ بِكَأْسِهِ مَشْرَباً هَنِيئاً سَائِغاً رَويّاً غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَاكِثِينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
-----------------------------------------
(1) يجب الأذان كفاية على أهل البلد فلو اتفقوا على تركه قوتلوا ويجب للجمعة لوجوب السعي إليها. ويستحب للفذ المسافر للحديث الصحيح في ذلك وفضل الأذان عظيم وثوابه كبير، حتى قال عمر رضي اللّه عنه: لولا الخليفي لأذنت وهل هو أفضل من الإمامة أو العكس قولن، الراجح أن الإمامة أفضل وما ذكره المصنف في حكاية الأذان ورد إلا قوله والدرجة الرفيعة، فإنه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hilalalkab.sudanforums.net
 
سراج السالك فى مذهب الامام مالك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سراج السالك فقه الامام مالك
» فقه الامام مالك سراج السالك
» فقه الامام مالك كتاب سراج السالك
» تابع لسراج السالك فى مذهب الامام مالك
» تابع لفقه الامام مالك سراج السالك

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات أبناء الشريف الكاب  :: فقه العبادات على مذهب الامام مالك-
انتقل الى: