------------------------------------
(1) لحديث ابن عمر أن رسول اللّه صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم "نهى عن المزابنة والمزابنة بيع التمر كيلاً وبيع الكرم كيلاً" رواه مالك في الموطأ قال الباجي: المزابنة اسم بيع التمر والزبيب بالكرم ورطب كل جنس بيابسة ومجهول منه بمعين اه.
(2) في كلام المصنف إجمال: وتفصيل المسألة أن الكلب المنهي عن اتخاذه يحرم باتفاق أهل المذهب .وأما الكلب المأذون ككلب الماشية ففيه أقوال أحدها أنه لايجوز بيعه وهو مذهب المدونة ثانيها يجوز قال مالك وابن كنانة وابن نافع وأكد سحنون جوازه بقوله أبيعه وأحج بثمنه ثالثاً يكره قاله مالك أيضاً رابعها يجوز إن وقع في المغانم أو الدين أو ميراث اليتم ويكره في غير ذلك. خامسها لابأس بشرائه ولا يجوز بيعه نقله ابن زرقون لكن مثل ابن رشد ويكره في بيعه قال الشيخ خليل وشهر بعضهم القول الثاني والأكثرون على المنع اه وعلى المنع لو وقع البيع فإنه يفسخ إلا أن يطول كذا رواه أشهب في المدونة وحكى ابن عبد الحكم أنه يفسخ وإن طال قال ابن ناجي والصواب أنه يمضي بالعقد لقول ممن تقدم بجوازه وهو قول أبي حنيفة أيضاً اه.
"تنبيه" قال ابن ناجي أما بيع الصور التي على قدر البشر يجعل لها وجوه فقال مالك لاخير فيها وليس التجر فيها من عمل الناس وحمله ابن رشد على أنها ليست مصورة بصورة الإنسان وإنما فيها شبه الوجوه بالترويق فصارت كالرقم ومثله قول أصبغ لابأس بها ما لم تكن تماثيل مصورة تبقى ولو كانت فخاراً أو عيداناً تنكسر وتبلى خف بيعها وصوب ابن رشد أن ما يبقى كما لا يبقى اه فالعرائس التي تصنع من الحلاوة وتباع في الموالد بيعها جائز واللّه أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الثمن وشروطه
- الثَّمَنُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فَيُشْتَرَطُ نَفْيُ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ عَنْهُ كَالآخَرِ، وَيَلْزَمُ بِإِطْلاَقِهِ نَقْدُ الْبَلَدِ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فَالْغَالِبُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَزِمَهُ تَعْيِينُهُ فَإِنِ اخْتَلَفَا في جِنْسِهِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخا. وَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ مَا ادَّعَاهُ الآخرُ أَوْ فِي قَدْرِهِ كَذلِكَ مَا لَمْ يَفتِ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ نَكَلَ تَرَادَّا، وَقِيلَ يَلْزَمُ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْعَقْدِ فَفِي الْخِيَارِ قَوْلُ مُنْكِرِهِ، وَفِي الصِّحَّةِ قَوْلُ مُدَّعِيهَا وَفِي التَّأْجِيلِ يُرْجَعُ إِلَى عُرْفِ الْمَبِيعِ، وَلاَ يَجُوزُ الْبَيْعُ إِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، وَالْفَاسِدُ لاَ يَنْقُلُ المِلْكَ فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي ضَمِنَ المِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ وَالْمُقَوَّمَ بِقِيمَتِهِ وَلاَ يَلْزَمُهُ رَدُّ غَلَّتِهِ.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) العقار وما يتبعه
- يَتْبَعُ الْعِقَارَ كُلُّ ثَابِت مِنْ مَرَافِقِةِ كَالأَبْوَابِ وَالرُّفُوفِ وَالسَّلاَلِمِ الْمُؤَبَّدَةِ وَالأَخْصَاص وَالْمَيَازِيبِ لاَ مَنْقُولٌ إِلاَّ الْمَفَاتِيحَ، وَالرَّقِيقُ ثِيَابُهُ الْمُعْتَادَةُ لاَ مَالُهُ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ، وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ جِلْدِ الشَّاةِ وَأَكَارِعِهَا وَسَوَاقِطِهَا ما لَمْ تَكْثُرْ قِيمَتُهَا، وَأَرْطَالٌ مَعْلُومَةٌ لاَ تَزِيدُ عَلى الثُّلُثِ وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ إِلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ وَسُكْنَى شَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) بيع الفضولي ونحوه
- يَصِحُّ بَيْعُ مُمَيِّزٍ مَوْقُوفاً عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ، وَبَيْعُ الْفُضُولي، وَابْتِيَاعُهُ مَوْقُوفاً عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ، فَإِنْ جَمَعَ مِلْكَهُ وَمِلْكَ غَيْرِهِ، وَمِلْكُ الْغَيْرِ هُوَ الْمَقْصُودُ لَمْ يَجُزْ وَثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، وَإِلاَّ لَزمَ فِي مِلْكِهِ بِفَسْخِهِ وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ عَلَى إِجَازَةِ سَيِّدِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ جَازَتْ تصَرُّفَاتُهُ غَيْرَ مَوْقُوفَةٍ لكِنْ لَيْسَ لَهُ فِعْلُ مَا لاَ مَصْلَحَةَ لِلْمَالِ فِيهِ، وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِرَاضَهُ وَمَا أَدَانَهُ فَهُوَ فِيمَا بِيَدِهِ وَذِمَّتِهِ لاَ رَقَبَتِهِ وَلاَ عَلَى سَيِّدِهِ إِلاَّ أَنْ يَحْمِلَهُ، فَإِنْ عَامَلَهُ فَهُوَ أُسْوَةُ غُرَمَائِهِ، وَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ وَلَهُ حَجْرُهَ بَعْدَ إِذْنِهِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) بَيْعُ الْغَائِبِ
- يَجُوزُ بَيْعُ الْغَائِبِ عَلَى رُؤْيَة مُتَقَدِّمَةٍ فِيمَا يُؤْمَنُ تَغَيُّرُهُ. وَعَلَى رُؤْيَةِ الْبَعضِ، فَإِنْ خَالَفَ الْبَاقِي ثَبَتَ الْخِيَارُ، وَكَالْعَسَلِ فِي وِعَائِهِ وَمَا لَهُ صِوَانٌ (1) بِرُؤْيَتِهِ كَالْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَنَحْوِهِ وَالْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ فِيمَا يَغْلِبُ مُصَادَقَتُهُ عَلَيْهَا، وَلاَ يُمْكِنُ الإِطِّلاَعُ عَلَيْهِ حَالَ الْعَقْدِ فَيَذْكُرُ مِنْهَا مَا يُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ وَتَخْتَلِفُ الأَغْرَاضُ وَالأَثْمَانُ بِهَا فَإِنْ وَافَقَ لَزِمَ وَإِلاَّ ثَبَتَ لِلْمُبْتَاعِ الْخِيَاُر وَالتَّلَفُ قَبْلَ مَجِيئِهِ مِنَ الْبَائِعِ إِلاَّ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْعَقْدَ صَادَفَ الصِّفَةَ فَيَكُونَ مِنَ الْمُبْتَاعِ كَالْمَأْمُونِ تَغَيُّرُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِهَا حَالَ الْعَقْدُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَفِيهَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَيُوَكلُ الأَعْمَى إِلاَّ أَنْ يَعْرِفَ الصِّفَةَ، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَشَاعِ.
------------------------------------
(1) صوان بكسر الصاد وضمها وصيان بكسر الصاد مع المفتوحة ما يصان فيه الشيء كقشر البطيخ واللوز ونحوهما.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الْمُرَابَحَة
- يُشْتَرَطُ فِي الْمُرَابَحَةِ صِدْقُ الْبَائِعِ فِي إِخْبَارِهِ وَيَلْزَمُ مِنَ الرِّبْحِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ، وَمَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَالصَّبْغِ وَالطَّرْزِ وَنَحْوِهِمَا كَرَأْسِ الْمَالِ، وَمَا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ فَلَهُ ضَمُّهُ، وَلاَ يُشْتَرَطُ الرِّبْحُ لَهُ لاَ نَفَقَتُهُ وَمَسْكَنُهُ فَإِنْ ظَهَرَ كَذِبُهُ، فَفِي قِيَامِ السِّلْعَةِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إِلاَّ أَنْ يَحُطَّ الزَّائِدَ، وَفِي فَوَاتِهَا تَلْزَمُ قِيمَتُهُ، مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ أَوْ تَنْقُصْ عَنِ الصِّدْقِ وَرِبْحِهِ كَمَا لَوْ ثَبَتَ غَلَطُهُ فِي نَقْصِ رَأْسِ مَالِهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مِثْلِيّاً فَيُضْمَنُ بِالْمِثْلِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الخيار
- يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِكُلٍّ مِنَ الْبَائِعِينَ وَلاَ يَتَعَيَّنُ لَهُ مُدَّةٌ بَلْ بِحَسَبِ مَا يُخْتَبَرُ الْمَبِيعُ فِيهِ أَوْ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ لِمُشْتَرِطِهِ الرَّدُّ فَإِنْ اخْتَلَفَا قُدِّمَ الْفَسْخُ وَيَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ وَمُضِيِّ مُدَّتهُ وَتَصَرُّفِهِ اخْتِيَاراً لاَ اعْتِبَاراً وَاشْتِرَاطِ النَّقْدِ فِيهِ مُبْطِلٌ لاَ التَّبَرُّعِ بِهِ. وَالْمَبِيعُ فِي مُدَّتِهِ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَمَا غَابَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ ضَمِنَهُ كَالتَّعَدِّي فِي غَيْرِهِ وَمَنِ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلَيْن ثَوْبَيْنِ بِالْخِيَارِ فَالْتَبَسَا سَقَطَ، وَيَثْبُتُ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ كَالْجَهْلِ بِالْغَيْبِ حَالَ الْعَقْدِ وَلَهُ الإِمْسَاكُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ دُونَ الأَرْشِ إِلاَّ أَنْ يَفُوتَ بِيَدِهِ أَوْ يَبْذُلُهُ الْبَائِعُ، وَالتَّأْرِيشُ أَنْ يُقَوَّمَ سَلِيماً ثُمَّ مَعِيباً فَيَلْزَمُ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ وَتَصَرُّفُهُ مُخْتَاراً بَعْدَ عِلْمِهِ كَرِضَاهُ، وَفِي بَقَائِهِ مُضْطَرّاً روايَتَانِ وَالْفَوَاتُ مَا يَتَعَذَّرُ رَدُّهُ، وَالأَظْهَرُ أَنَّ الْبَيْعَ فَوْتٌ وَلِلشَّرِيكِ رَدُّ مَا يَخُصُّهُ وَدَعْوَى عَيْبٍ ظَاهِرٍ لاَ يَحْدُثُ مِثْلُهُ عِنْدَهُ يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ إِلاَّ أَنْ يُقِيمَ الْبَائِعُ بَيِّنَهً بِرِضَاهُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ أَحْلَفَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الرَّدُّ، وَإِنْ أَمْكَنَ حُدُوثهُ عِنْدَهُ وَأَنْكَرَهُ البَائِعُ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ فِي حَالِ الْعَقْدِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَلَهُ الرَّدُّ، وَغَيْرُ الظَّاهِرُ لاَ يُقْبَلُ إِلاَّ بِبَيِّنَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَلَفَ الْبَائِعُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى الْبَتِّ وَالْبَاطِنِ عَلَى الْعِلْمِ فَلَوْ حَدَثَ آخَرُ فَلَهُ رَدُّهُ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالإِمْسَاكُ وَأَرْشُ الْقَدِيمِ إِلاَّ أَنْ يُدَلِّسَ الْبَائِعُ فَيَرُدُّ بِغَيْرِ أَرْشٍ فَإِنْ تَلِفَ بِمِثْلِ مَا دَلَّسَ بِهِ فَهُوَ مِنْهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ حُدُوثُ الثَّانِي عِنْدَهُ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْقَدِيمِ وَيَحْلِفُ أَنَّ الثَّانِي لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ ثُمَّ الْعَيْبُ كُلُّ مَا نَقَصَ الثَّمَنَ أَوِ الْمَنْفَعَةَ أَوْ كَانَ عِلاَقَةً أَوْ مَخُوفَ الْعَاقِبَة، وَمَا اخْتَلَفَا فِيهِ نَظَرَهُ أَرْبَابُ الْخِبْرَةِ، وَزَوَالُهُ قَبْلَ الرَّدِّ يُسْقِطُهُ إِلاَّ أَنْ لاَ يُؤْمَنُ عَوْدُهُ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّ غَلَّةٍ بِخِلاَفِ الأَوْلاَدِ وَمَالِ الْعَبْدِ وَالصُّوفِ الْكَائِنِ حَالَ الْعَقْدِ لاَ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ وَاللَّبَنُ وَالسَّمْنُ وَالثَّمَرَةُ الْحَادِثَةُ أَو التَّابعَةُ بخِلاَفِ الْمُشْتَرَطَةِ، وَلاَ يَضْنُ تَابِعَهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِنَفَقَةِ السَّفَرِ وَالْعِلاَجِ، وَيَحْكُمُ بِالْعُهْدَتَيْنِ فِي الرَّقِيقِ إِنْ كَانَتْ عُرْفاً أَوِ اشْتُرِطَتْ فِي الْعَقْدِ فَعُهْدَةُ الثَّلاَثِ مِنْ سَائِرِ الْعُيُوبِ وَالسَّمنَّةِ مِنَ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرصِ وَيَثْبُتُ خِيَارُ الرَّدِّ، وَالتَّصْريَةُ عَيْبٌ، فَمَنِ ابْتَاعَ مُصَرَّاةً جَاهِلاً فَاحْتَلَبَهَا فَلَهُ إِمْسَاكُهَا وَرَدُّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ، لاَ يُزَادُ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَلاَ يُنْقَصُ لِقِلَّتِهِ، فَإِنْ عَلِمَ تَصْريَتَهَا فَاحْتَلَبَهَا لِيَخْتَبِرَهَا، أَوِ احْتَلَبَهَا ثَانِيَةً كَذلِكَ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ فَإِنْ عَاوَدَ سَقَطَ.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) بيع الثمرة قبل زهوها
- لاَ تُبَاعُ الثَّمَرَةُ قَبْلَ زَهْوِهَا إِلاَّ مَعَ أَصْلِهَا أَوْ عَلَى الْقَطْعِ، وَالإِطْلاَقُ مُبْطِلٌ كَاشْتِرَاطِ التَّبْقِيَةِ فَزَهْوُ النَّخْلِ الْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ، وَغَيْرُهَا طِيبُ أَكْلِهَا، فَيُبَاعُ الجنْسُ بِطِيبِ بَعْضِهِ وَلَوْ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ إِنْ كَانَ مُتَلاَحِقاً لاَ بِطِيبِ مُبْكَرَةٍ وَلاَ شِتْوِيٍّ بِطِيبٍ صَيْفِيٍّ وَالْوَرْدُ وَنَحْوُهُ مِنَ النَّورِ بِظُهُورِ بَعْضِهِ وَلَهُ إِلَى آخِرِ إِبَّانِهِ وَالْمَقَاثِيُّ وَالْمَبَاطِيحُ وَالْمُغَيِّبُ، كَالجَزَرِ وَالْفُجْلِ إِذَا أَطْعَمَ وَالْمَوْز إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ كَالْقَصَبِ، وَيَجُوزُ جُزْءاً مَعْلُوماً أَوْ حُزَماً وَالْبَقْلُ إِذَا أَمْكَنَ جَزُّهُ وَالْقَصِيلُ حُزَماً أَوْ مَعَ الأَرْضِ أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ لاَ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَلاَ الْحَبُّ قَبْلَ يُبْسِهِ وَاسْتِغْنَائِهِ عَنِ الْمَاءِ وَالثَّمَرَةُ الْمُؤَبَّرَةُ لِلْبَائِعِ كَالزَّرْعِ الظَّاهِرِ وَغَيْرُهُمَا تَابِعٌ، وَالتَّأْبِيرُ تَشْقِيقُ الطَّلْعِ وَتَلْقِيحُهُ وَغَيْرُهُ ظُهُورُ الثَّمَرَةِ مِنْ أَكْمَامِهَا، وَيَجُوزُ بَيْعُهَا جِزَافاً لاَ خَرْصاً، وَاسْتِثْنَاءُ جُزْءٍ مَعْلُومٍ مَا كَانَ، وَفِي كَيْلِ أَوْ أَرْطَالٍ أَوْ نَخْلاَتٍ مَا لاَ يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ وَبَيْعُ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ نَفِذَتْ ثَمَرَتُهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الرُّجُوعِ بِبَقِيَّةِ رَأْسِ مَالِهِ وَتَكُونُ إِقَالَةً فِي الْبَعْضِ وَالتَّرَاضِي عَلَى شَيْءٍ عِوَضاً عَنْهُ لاَ عَنْ ثَمَرَهٍ، وَلاَ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَا لاَ يَجُوزُ بَيْعُةُ كَالْمَجْهُولِ صِفَةً وَقَدْراً وَالْمُحَرَّم مَنْفَعَةً وَعَيْناً وَلاَ احْتِكَارُهُ (1) وَلاَ يُسَعَّرُ عَلَى النَّاسِ، وَمَنْ نَقَصَ سِعْرَاً أُمِرَ أَنْ يَلْحَقَ بِالنَّاسِ، أَوْ يُقَامَ مِنَ السُّوقِ.
------------------------------------
(1) لورد النهي عن احتكار الطعام انتظاراً لغلاته مع حاجة الناس اليه وفي الموطأ بلاغاً عن عمر قال لاحكرة في سوقنا لايعمد رجال بأيديهم فضول من أذهاب -جمع ذهب- إلى رزق من رزق اللّه نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا إلخ وفي الموطأ بلاغاً أيضاً عن عثمان أنه كان ينهى عن الحكرة وأما نقص السعر ففي الموطأ عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيباً له بالسوق يعني بسعر دون سعر الناس فقال له عمر إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع من سوقنا، وأما تسعير السلع والبضائع إذا اقتضته المصلحة فهو جائز بشرط أن يجمع الامام وجوه أهل السوق ويحضر غيرهم استظهاراً على صدقهم ويحدد سعراً يكون فيه مصلحة لهم وللجمهور، وامتناع النبي صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم من التسعير بعد قول الصحابة له سعر لنا لا يدل على حرمته بل هو محمول على عدم الحاجة إليه إذ ذاك مع الارشاد إلى سلوك طريق الورع والاحتياط مثل هذا مما لعله لايخلو من إجحاف بالتجار أو بالجمهور بدليل قوله صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم "وإني لأرجو أن ألقى اللّه وليس أحد منكم يطالبني بمظلة في دم ولا مال".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) العرايا
- وَتَجُوزُ الْعِرَيَّةُ (1) مِنْ كُلِّ مَا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ مِنَ الثِّمَارِ، وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَيْعُهَا بَعْدَ زَهْوِهَا مِنْ مُعْرِيهَا بِخَرْصِهَا مِنْ مُتَنَاهِي جِنْسِهَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَدُونِهَا يَأْخُذُهُ عِنْدَ الْجِذَاذِ لاَ مُعَجَّلاً، وَمِنْ غَيْرِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَمُعْرِي جَمَاعَةٍ يَشْتَرِي مِنْ كُلِّ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ كَالْجَمَاعَةِ الْوَاحِدَةِ وَسَقْيُهَا وَزَكَاتُهَا عَلَى مُعْرِيهَا.
------------------------------------
(1) على أنها رخصة لما في الموطأعن زيد بن ثابت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم "أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها" قال القاضي عبد الوهاب العرية عندنا أن يهب رجل نخلة أو نخلات من حائطه لرجل اهـ.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الجائحة
- الجَائِحَةُ الآفَاتُ السَّمَاوِيَّةُ وَفِي الْجَيْشِ قَوْلاَنِ فَإِذَا أَتَتْ عَلَى ثُلُثِ الثَّمَرَةِ أَوِ الزرعِ فَصَاعِداً أَوْجَبَ وَضْعُ مَا يُقَابِلُهُ لاَ دُونَهَا إِلاَّ أَنْ يُتْلِفَهَا عَطَشاً فَيُوضَعُ قَلَيلُهَا وَكَثِيرُهَا كَجَائِحَةِ القُولِ وَلاَ وَضْعَ بَعْدَ الْجَفَافِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) السلم
- يَجُوزُ السَّلَمُ فِي كُلِّ مَايُضْبَطُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الأَغْرَاضُ فِيهِ وَالأَثْمَانُ بِاخْتِلاَفِهَا، وَشُرُوطُهُ الْوَصْفُ وَتَقْدِيرُ كَمِّيَّتِهِ، وَكَوْنُهُ فِي الذِّمَّةِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ عِنْدَ حُلُولِهِ، وَنَقْدُ الثَّمَنِ وَيَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ بِسُوقِهِ إِلاَّ أَنْ يُعَيِّنَا غَيْرَهُ، وَمَنْ أَسْلَمَ طَعَاماً جَازَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْحُلُولِ مِنْ جِنْسِهِ مُعَجَّلاً لاَ مِنْ غَيْرِهِ وَقَبْلَ حُلُولِهِ، وَفِي غَيْرِ الْمَطْعُومَاتِ يَأْخُذُ مَا شَاءَ مُعَجَّلاً لاَ مِنْ غَيْرِهِ وَقَبْلَ حُلُولِهِ، وَفِي غَيْرِ الْمَطْعُومَاتِ وَلاَ مُطَالَبَتُهُ قَبْلَ حُلُولِهِ وَلاَ يَجُوزُ فِي زَرْعِ قَرْيَةٍ أَوْ ثَمَرَةٍ قُرَامٍ بِعَيْنِهِ إِلاَّ أَنْ لاَ يَخْتَلِفَ عَنْ مِثْلِهِ غَالِباً، وَيَجُوزُ إِسْلاَمُ مَا عَدِمَ التَّقْدِيرَ وَالْمَطْعُومَاتِ مِنَ الْعُرُوضِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ مُتَفَاضِلاً إِلَى أَجَلٍ بِشَرْطِ اخْتِلاَفِ الْجِنْسِ وَاخْتِلاَفُ الأَغْرَاضَ وَالْمَنَافِعِ وَالأَلْوَانِ فَيَجُوزُ عَبْدٌ تَاجِرٌ أَوْ حَاسِبٌ فِي أَعْبُدٍ سُذَّجٍ وَنَحْو ذلِكَ، فَإِنِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ مُنِعَ التَّفَاضُلِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) القرض
- يَجُوزُ قَرْضُ مَا سِوَى الإِمَاءِ، وَأَجَازَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ مَحْرَمٍ (1) وَيَلْزَمُ قِيمَتُهَا باِلْوَطْءِ، وَيَحْرُمُ اشْتِرَاطُ مَنْفَعَةٍ أَوْ زِيَادَةٍ لاَ التَّبَرُّعُ بِهَا (2) وَيَصِحُّ تَأْجِيلُهُ وَيَلْزَمُ قَبْلَهُ بِمَوْضِعِ الْقَضَاءِ فَلَوْ لَقِيَهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَلْ يَخْرُجُ مَعَهُ أَوْ يُوَكِّلُ مَنْ يَقْضِيِه، وَيَمْنَعُ الْوَضْعُ عَلَى التَّعْجِيلِ وَكُرِهَ الْعَمَلُ بِالسِّفَاتِجِ (3) إِلاَّ يَكُون النَّفْعُ لِلْمُقْتَرِضِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
------------------------------------
(1) يذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور الفقهاء إلى تحريم قرض الجواري لأنه يؤدي إلى إحلال ما لا يحل من الفروج المحظورة ،ولم يزل أهل العلم ينهون عن ذلك ولا يرخصون فيه لأحد كما قال مالك في الموطأ، وقال محمد بن عبد الحكم يجوز قرض الجارية إذا كانت محرماً للمستقرض كأن تكون أمه أو أخته من الرضاعة أو عمته أو خالته من النسب مثلاً لأنه لايؤدي إلى إحلال فرجها حينئذ، قال الباجي وعلى هذا يجوز للنساء استقراض الجواري يعني مطلقاً وإنما يحرم ذلك على الرجال خاصة اه قول المصنف .
وتلزم قيمتها بالوطء أي لو وطئها المستقرض فان الجارية تكون له وتلزمه له قيمتها لسيدها.
(2) لحديث أبي رافع مولى النبي صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم أنه قال استلف رسول اللّه صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم بكراً فجاءته إبل من الصدقة فأمرني أن أقضي الرجل بكرة فقلت لم أجد إلا جملاً خياراً رباعياً فقال رسول اللّه صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم "اعطه إياها فإن خير الناس أحسنهم قضاء" رواه مالك وغيره. وفي الموطأ عن مجاهد قال: استلف عبد اللّه بن عمرو من رجل دراهم ثم قضاه دراهم خيراًمنها فقال الرجل يا أبا عبد الرحمن هذه خير من دراهمي التي استلف فقال ابن عمر: قد علمت ولكن نفسي بذلك طيبة، قال مالك: لابأس بأن يقبض من أسلف شيئاً من الذهب أو الورق أو الطعام أو الحيوان ممن أسلفه ذلك أفضل مما أسلفه إذا لم يكن ذلك على شرط منهما أو وأي - أي وعد - أو عادة اهـ.
(3) جمع سفتجة بفتح السين وضمها أيضا وسكون الفاء وفتح التاء، فارسية معربة ومعناها كتاب صاحب المال لوكيله أن يدفع مالا قرضاً يأمن به من خطر الطريق.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الإِجارة (1)
- وَهِيَ عَقْدٌ لاَزِمٌ عَلَى الْمَنَافِعِ المُبَاحَةِ، وَلاَ تُفْسَخُ بِالْمَوْتِ، بَلْ يَقُومُ وَارِثُ كُلٍّ مَقَامَهُ، وَيَلْزَمُ تَعْيِينُ المَنْفَعَةِ بِالْعَمَلِ كَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ وَالصِّبَاغَةِ وَنَحْوِ ذلِكَ أَوْ مُنْتَهَى مَسَافَةِ الرُّكُوبِ أَوِ مَا يَكْتَرِيهَا لَهُ وَيُعَيِّنُ المَحْمُولَ مُشَاهَدَةً أَوْ قَدْراً وَحَمْلُ الأَضَرِّ وَإِرْكَابُ غَيْرِ المُمَاثِلِ وَسُلوكِ الأَشَقِّ أَوِ الأَبْعَدِ اخْتِيَاراً يُوجِبُ ضَمَانهَا، إِلاَّ أَنْ يَخْتَارَ أَخْذَه الأُجْرَةِ مَعَ أُجْرَةِ المِثْلِ لِلتَّفَاوُتِ، فَإِنْ سَلمَتْ مَعَهُ أُجْرَةُ المِثْلِ لِلتَّفَاوُتِ، وَعَلَى الْكَرِيِّ مَا تَفْتَقِرُ إِلَيْهِ الدَّابَّةُ مِنْ آلَةٍ، وَإِعَانَةُ المُكْتَرِي فِي الْعَكْمِ وَالْحَطِّ وَالرُّكُوب وَتَعْيِينُ مُدَّةِ الْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى، وَيَجِبُ بَيَانُ مَبْدَئِهَا، وَتَلْزَمُ الأُجْرَةُ عَلَى جَمِيعِهَا لاَتَعْجِيلُها بَلْ بِحَسَبِ الاِسْتِيفَاءِ أَو الْعُرْفِ أَوِ الشَّرْطِ أَوْ كَوْنَها عَرْضاً مُعَيَّناً وَيَفْسُدُ بِبَقَائِهِ أَوْ بِتَرَاخِي مَبْدَإِ المدَّةِ عَلَى الْعَقْدِ وَلَهُ الاِسْتِيفَاءُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَإِجَارَتهَا مِنْ مُؤَجِّرِهَا وَغَيْرِهِ وَيَجُوزُ كُلُّ سَنَةٍ بِكَذَا وَلِكُلٍّ التَّرْكُ، وَيَلْزَمُ مِنَ الأُجْرَةِ بِحِسَابِهِ وَتَمَكّنُ الاِسْتِيفَاءِ يُوجِبُ الأُجْرَةَ فَإِنْ لَمْ تَسْتَوْفِ حَتَّى انْقَضَتْ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً فَعَلَيْةِ أُجْرَةُ المِثْلِ لِلْمَاضِي وَالإِجَارَةَ بِحَالِهَا، وَكَرِيُّ الْحَجِّ إِنْ أَخْلَفَ اكْتَرَي الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخْلَفَ المُكْتَري اكْتُرِىَ مَكَانَهُ وَالزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ لَهُ وَعَلَيْهِ، فَإِن فَاتَ الْوَقْتُ قَبْلَ الْحُكْمِ انْفَسَخَتْ، وَتَنْفَسِخُ بِتَعَذُّرِ الاسْتِيفَاءِ كَتَلَفِ الْعَيْنِ وَامْتِنَاعِ المُؤَجِّرِ مِنَ التَّسْلِيمِ وَمَوْتِ الأَجيرِ وَالرَّضِيعِ وَالْعَلِيلِ وَانْسِلاَخِ السِّنِّ، وَغَرَقِ أَرْضِ الزَّرْعِ فِي أَبَّانِهِ، وَانْقِطَاعِ شُرْبِهَا، وَتَلَفِ زَرْعِهَا لِفَسَادِهَا لاَ بِجَائِحَتِهِ وَعَدَمِ نَبَاتِهِ، وَفِي انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْغَرْسِ يُخَيِّرُ رَبُّهَا بَيْنَ خَلْعِهِ وَأَخْذِهِ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعاً. وَتَرْكِهِ بِأُجْرَتِهَا، وَتَجُوزُ إِجَارَةُ المَشَاعِ لِبَيْعِهِ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَى رَبِّ السَّفِينَةِ وَالْحَمَّامِ إِلاَّ بِالتَّعَدِّي، وَهَلْ يَلْزَمُ مِنْ أُجْرَتِهَا بِحَسَبِ المَاضِي قَوْلاَنِ كَتَلَفِ الدَّابَّةِ بِالْمَتَاعِ فِي بَعْضِ المَسَافَةِ، وَلاَ الرَّاعِي فِيمَا تَلِفَ أَوْ ذَبْحِهِ خَوْفَ مَوْتِهِ بِخِلاَفِ أَكْلِهِ.
وَمَنِ اسْتَعَانَ عَبْداً أَوْ صَبِيّاً بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ ضَمِنَهُ، فَإِنْ سَلِمَ فَلِوَلِيِّهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، لاَ فِي غَيْر مُتْلِف كَمُنَاوَلَةِ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ وَيَضْمَنُ الصَّانِعُ مَا غَابَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ عَمِلَ بِغَيْرِ أَجْرٍ لاَ مَا عَمِلَهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ أَوْ صَدَّقَةُ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَلاَ أُجْرَةً لَهُ، وَأَوْجَبَهَا ابْنُ الموَّازِ، وَإِذَا ادَّعَى الإْيِدَاعَ وَالصَّاِنُع الاسْتِصْنَاعَ، أَوِ الْعَمَلَ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَالصَّانِعِ الأُجْرَةَ، أَوْ صِفَةً وَالصَّانِعُ غَيْرَهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّانِعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَالأُجْرَةُ كَالثَّمَنِ.
وَيَجُوزُ عَيْناً وَمَنْفَعَةً، وَيَلزْمُ بِالْفَسَادِ أُجْرَةُ المِثْلِ، وَيَجُوزُ إِجَارَةُ الْخَادِمِ وَالظَّئْرِ بِطَعَامِهِ وكِسْوَتِهِ، وَيَلْزَمُ المُشْبِهُ وَيَلْزَمُ مِنْ خِدْمَةِ الطِّفْلِ مُقْتَضَى الْعرْفِ وَيَجُوزُ كِرَاءُ الدَّابَّةِ إِلَى مُعَيَّنٍ عَلَى إِنْ وَجَدَ حَاجَتَهُ دُونَهَا لَزِمَهُ بِحِسَابِهِ وَلاَ يَجُوزُ كِرَاءُ أَرْضِ الزَّرْعِ بَمَطْعُومٍ وَلاَ بِبَعْضِ مَا تُنْبِتُهُ مِنَ المَزْرُوعَاتِ، وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيمَا لاَ يَخْتَلِفُ رَبُّهَا غَالِباً، وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ ثَمَرَةِ الدَّارِ بِشَرْطِ كَوْنِ قِيمَتِهَا ثُلثَ الأُجْرَةِ فَدُونَهَا.
وَلاَ يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ إِجَارَةُ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ دَابَّتِهِ أَوْ دَارِهِ فِي عَمَلِ مَعْصِيَةٍ (2).
------------------------------------------
(1) حكى ابن المنذر وابن المواز الاجماع على جوازها. وقال القاضي عبد الوهاب جواز الاجارة في الجملة مجمع عليه إلا ما يحكى عن ابن علية والأصم وهؤلاء لايعد أهل العلم خلافهم خلافاً بدليل قوله تعالى (فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) وقوله تعالى (على أن تأجرني ثماني حجج) فنص على جواز الاجارة وأخذ الأجرة وقوله صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" أو هذا الحديث رواه ابن ماجه عن ابن عمر وأبو يعلى عن أبي هريرة والطبراني في الأوسط عن جابر. وفي حديث قدسي رواه البخاري قال اللّه تعالى "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره".
(2) كبناء كنيسة أو محل يباع فيه خمر أو نحو ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الجعل
- اَلْجُعْلُ جَائِزٌ وَيَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ مِنْ جِهَةِ الْجَاعِلِ وَلاَ يَجُوزُ إِلَى أَجَلٍ فَمَنْ قَالَ مَنْ جَاءَنِي بِضَالَّتِي فَلَهُ كَذَا لَزِمَهُ بِهَا، وَلاَشَيْءَ لَهُ إِلاَّ بِتَمَامِ الْعَمَلِ، فَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ إِنْ جِئْتَنِي بِهَا فَلَكَ مِائَةٌ، وَلِلآخَرِ فَلَكَ خَمْسُونَ فَجَاءَا بِهَا، فَقِيلَ يَقْتَسِمَانِ الأَكْثَرَ بِحَسَبِهِمَا وَقِيلَ لِكُلٍّ نِصْفُ جُعْلِهِ وَمَنْ جَاءَ بِضَالَّةٍ ابْتِدَاء فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَيَجُوزُ فِي الْحَصَادِ وَالْجِذَاذِ وَنَفْضِ الزَّيْتُونِ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُ لاَ مَا لاَ يَعْلَمُهُ الْيَوْمَ، وَيَجُوزُ عَلَى عِلاَجِ المَرِيضِ عَلَى الْبُرْءِ وَالتَّعْلِيمِ عَلَى الْحِذَاقِ (1) وَاسْتِخْرَاجِ المِيَاهِ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ الْعَامِلِ شِدَّةَ الأَرْضِ وَبُعْدَ المَاءِ واللّهُ أَعْلَمُ .
------------------------------------------
(1) قال مالك لم يبلغني عن أحد كراهية تعليم القرآن والكتاب بأجر اهـ.
قال ابن رشد إجازة ذلك - يعني الاجارة على تعليم القرآن- هو المذهب وأجمع عليه أهل المدينة وهم الحجة على من سواهم ، واحتج بحديث ابن عباس "إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب اللّه" رواه البخاري في الصحيح؛ وأما أخذ الأجرة على قراءة القرآن في المآتم كما هو شائع في مصر فمحل نظر. وقد يقال بجوازه لجريان العمل به، مع دخوله في عموم الحديث المذكور فيما يظهر واللّه أعلم والحذاق بكسر الحاء المهملة. المهارة: حذق الصبي القرآن والعمل يحذق وحذاقاًمهر فيه، ويقال لليوم الذي يختم فيه القرآن يوم حذاقة.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب القِراض (1) والشركة والمساقاة والرهن والوكالة
القراض
- الْقِرَاضُ تَنْمِيَةُ الْعَامِلِ الْمَالَ بِالتِّجَارَةِ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الرِّبْحِ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ بِشُغْلِهِ الْمَالَ وَهُوَ أَمِينٌ مَا لَمْ يَتَعَدَّ، وَالتَّلَفُ وَالْخَسَارَةُ مِنْ رَبِّهِ، وَاشْتِرَاطُهُ عَلَى الْعَامِلِ مُفْسِدٌ كَتَأْجِيلِهِ وَقَصْرِهِ عَلَى مَا لاَ يَغْلِبُ وُجُودُهُ وَقِرَاضِهِ بِعُرُوضٍ، وَلاَ يُسَاِفُر، وَلاَ يُشَارِكُ وَيُقَارِضُ، وَلاَ يَبِيعُ بِدَيْنٍ إِلاَّ بِإِذْنِه فَإِنْ قَارَضَ فَلِرَبِّهِ بِشَرْطِهِ وَحِصَّتُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَامِلِه، وَلَهُ فِي السَّفَرِ نَفَقَةُ مِثْلِهِ، وَإِذَا طَالَبَهُ بِالتَّنْضِيضِ إِنِ ائْتَمَنَهُمْ أَوْ أَتُو بِأَمِينٍ وَإِلاَّ سَلَّمُوا الْمَالَ، وَتُجْبَرُ وَضِيعَتُهُ مِنْ رِبْحِهِ ثَانِيَةً، فَإِنْ تَفَاضَلاَ عَلَيْهَا، ثُمَّ عَمِلَ فَرَأْسُ الْمَالِ مَا بَقِيَ وَإِن اقْتَسَمَا رِبْحاً قَبْلَ تَنْضِيضِهِ، ثُمَّ حَدَثَتْ وَضِعيَةٌ جَبَرَاهَا وَلِكُلٍّ اشْتِرَاطُ جَمِيعِ الرِّبْحِ لِنَفْسِهِ، وَيَلْزَمُ بِفَسَادِهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ، وَقِيلَ أُجْرَةُ المِثْلِ وَالرِّبْحُ تَابِعٌ لِلأَصْلِ فِي الزَّكَاةِ وَلِكُلٍّ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الرِّبْحِ عَلَى الآخَرِ لِلأَصْلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَامِلُ أَهْلاً سَقَطَتْ عَنْ حِصَّتِهِ، وَأَوْجَبَهَا عَبْدُ المَلِكِ تبعَاً.
------------------------------------------
(1) القراض بكسر القاف من المقارضة ويقال المضاربة أيضاً قال زروق القروض رخصة شرعية مباركة لقوله عليه السلام "ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل والمقارضة وخلط الشعير بالبر للنبت لا للبيع" رواه ابن ماجه عن صهيب رضي اللّه عنهما اهـ. وإسناده ضعيف لكنه ضعف خفيف، وشرط القرائض أن يكون بالنقدين أو بنقار الذهب والفضة إذا تعومل به أما إذا لم يكن متعاملاً ففيه ثلاثة أقوال لمنع والكراهة والجواز وكذلك اختلف في القراض بالحلي على الأقوال الثلاثة أيضاً فالكراهة رواها ابن المواز والمنع والجواز رواهما ابن الحاجب واختار اللخمي أنه أن كان يتعامل بالحلي كأرض المصامدة - من المغرب- جاز والا كره إن كان يوجد مثله والا منع، نقله ابن ناجي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الشركة
- تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِالنَّقْدِ وَالْعُرُوضِ، وَيُجْعَلُ رَأْسُ المَالِ قِيمَتَهَا وَيُشْتَرَطُ خَلْطُهُمَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْماً، وَهِيَ عِنَانٌ، وَهِيَ أَنْ لاَ يَنْفَرِدَ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ، وَمُفَاوَضَةٌ، وَهِيَ أَنْ يُمْضِي تَصَرُّفَ كُلٍّ صَاحِبُهُ، وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ وَالْعَمَلُ تَوَابِعٌ، فَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَمَلِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَتَبَرَّعَ، وَتَجُوزُ بِالأَبْدَانِ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الصَّنْعَةِ وَالمَكَانِ لاَ مَالٍ وَبَدَنٍ وَمَا يَفْتَقِرَانِ إِلَيْهِ مِنْ آلَةٍ فَبَيْنَهُمَا، وَشِرْكَةُ الذِّمَمِ (1) بَاطِلَةٌ وَتَجُوزُ الشَّرْكَةُ فِي الزَّرْعِ بِشَرْطِ التَّسَاوِي فِي الْبَذْرِ وَالْعَمَلِ وَالْمَؤُونَةِ وَالأَرْضِ كَانَتْ مِلْكاً أَوْ مُكْتَرَاةً أَوْ حَبْساً فَلَوْ كَانَتْ لأَحَدِهِمَا وَلِلآخَرِ الْبَذْرُ لَلَزِمَ رَبَّهُ نِصْفُ أُجْرَتِهَا وَرَبَّهَا نِصْفُ المَكِيلَةِ فَإِنِ انْفَرَدَ بِالْعَمَلِ فَالزَّرْعُ لَهُ وَعَلَيْهِ مَكِيلَةُ الْبُذْرِ وَبِالْعَكْسِ، وَمَنِ احْتَمَلَ السَّيْلُ بَذْرَهُ إِلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَالزَّرْعُ لَمْ لَهُ، وَلاَغُرْمَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الأَرْضِ.
------------------------------------------
(1) وتسمى شركة الوجوه أيضاً وصفتها أن يتجرا بوجوههما ويشتريا في ذمتهما ويكون ما حصل من كسب بينهما وما حصل من ضمان عليهما، وقال أبو حنيفة تصح ودليلنا أنها شركة بغير مال ولا صناعة فلم تصح .
أصله إذا قال يعني عبدك وأنا شريكك في ثمنه وقال القاضي عبد الوهاب في الاشراف.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) المساقاة
- تَجوزُ الُمسَاقَاةُ (1) عَلىَ أُصُولِ الَّثمَرَةِ، وَلَوْ قَبْلَ ظُهُورِهَا لاَ بَعْدَ بُدُوَّ الصَّلاَحِ، وَعَلَى الزَّرْعِ وَالَبْقُوُلِ بَعْدَ ظُهُورِهَا ، وَهِيَ أَنْ يَعْمَلَ الْعَامِلُ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الَّثمَرَةِ وَعَلَيْهِ السَّقْيُ وَاْلإِبَارُ وَالْجِذَاذُ، وَقَطْعُ الْجَرِيدِ، وَنَفَقَةُ الْعُمَّالِ، وَعُلُوفَةُ الدَّوَابَّ، وَإْصلاَحُ الْقُفِّ، وَمنَافِعُ الشَّجَرِ،لاَبِنَاءُ حَائِطٍ وَحَفْرُ بِئْرٍ وَغَرْسُ شَجَرٍ، وَخَلْفُ َدابَّةٍ وَتَجُوزُ سِنِيننَ وَتَنْتَهِي السَّنَةُ بِالْجِذَاذش، وَلاَ تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ، وَالْبَيَاضُ لِرَبِّهِ، وَلِلْعَامِلِ اشْتِرَاطُهُ مِنْ زَرْعِهِ جُزْءاً مُوَافِقاً لِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَرَةِ وَاللّه أَعْلَمُ.
------------------------------------------
(1) عرف ابن عرفة المساقاة بأنها عقد على عمل مؤنة النبات بقدر ما من غلته لابلفظ بيع أو إجارة أو جعل اه.
وهي رخصة مستثناة من عدة أمور منوعة وشروطها ثمانية:
-1-أن تكون في أصل يثمر أو ما في معناه من ذوات الأزهار والأوراق التي ينتفع بها كالورد والآس.
-2-أن تكون قبل طيب الثمرة وجواز بيعها.
-3- أن تكون لمدة معلومة مالم تطل جداً.
-4- أن تكون بلفظ المساقاة .
-5- أن تكون بجزء مشاع مقدر
-6-أن تكون بجزء العمل كله على العامل.
-7-ألا يشترط واحد منهما من الثمرة ولا غيرها شيئاً معيناً خالصاً لنفسه.
-8-ألا يشترط على العامل عملاً خارجاًعن منفعة الثمرة ويبقى بعد جذاذها مما له بال وقدر اه من شرح زروق على الرسالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في الرهن
- الرَّهْنُ عَقْدٌ لاَزِمٌ ، وَاشْتِرَاطُ غَلَّتِهِ مُبْطلٌ ، فَيَصِحُّ بِالْقَوْلِ وَيَتِمُّ بِالْقَبْضِ وَيُجْبَرُ الرَّاهنُ عَلَيْهِ وَاسْتِدَامَتُهُ شَرْطٌ، فإِنْ عَادَ إِلَيْهِ اخْتِيَاراً أَوْ بِإعَارَةٍ أَوْ
إِجَارَةٍ أَوْ وَدِيعةٍ بَطَل كَتَرَاضِيهِ عَلىَ قَبْضِهِ حَتَّى مَاتَ الرَّاهِنُ أَوْ أفْلَسَ، لاَبِامْتِنَاعِ الرَّاهِنِ مَعَ إِقَامَتِهِ عَلَى الطَّلَبِ، وَاْلمَالُ الْبَاطِنُ مَضْمُونٌ مَا لَمْ تَقُمْ بَينَةٌ أَوْ يَكُنْ عَلَى يَدِ أَمِينٍ لاَ الظَّاهِرُ إِلاَّ بِالتَّعَدِّي، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ، َواتَّفَقَا عَلَى صِفَتِهِ قُوِّم َعَلْيَها، فَإِنْ اخْتَلَفَا أَيْضاً حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ حَلَفَ الرَّاهِنُ قُوِّمَ عَلَيْهَا فَإِنْ جَهِلاَهَا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى قِيمَتِهِ وَقَاصَّهُ، فَإِنِ اتَّفَقَا وَاخْتَلَفَا فِي قَدْر الْحَقِّ ، فَالرَّهْنٌ شَاهِدٌ بِقَدْر قِيمَتِهِ، وَيَحْلِفُ الرَّاهِنُ لِنَفْيِ الزَّائِدِ، وَفِي عَيْنِ الرَّهْنِ الْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ وَفِي كَوْنِ الْمُقْتَضَى مَا بِهِ الرَّهْنُ يَحْلِفَانِ وَتُحْسَبُ مِنْهُمَا، وَفِي مَالِ الْعَبْدِ مَعَهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ وَلاَ يَصِحُّ رَهْنُ مَا لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِحَالٍ وَلاَ تُقْبَلُ دَعْوَى المِدْيَانِ رَهْناً عِنْدَ غَرِيمٍ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ عَلَى قَبْضِةِ رَهْناً، وَيَصِحُّ المَشَاعُ، فَإِنْ كَانَ بَاقِيهِ لَهُ لَزِمَهُ تَسْلِيمَه وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ نَزِلَ الْمُرْتَهِنُ مَعَهُ مَنْزِلَةَ الرَّاهِنِ وَمَنْ رَهَنَ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ أَخَذَ زِيَادَةً عَلَيْهِ صَارَ رَهْناً بِالْجَمِيعِ، فَلَوْ أَرَادَ رَهْنَ فَائِضِهِ عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ وُقِفَ عَلَى إِذْنِهِ، وَيُقَدَّمُ الأَوَّلُ فِي الاِسْتِيفَاءِ، وَنَساؤُهُ لِرَبِّهِ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، وَنِتَاجُهُ رَهْنٌ مَعَهُ كَفِرَاخِ النَّخْلِ لاَ الصُّوفِ وَاللبَنِ وَمَالِ الْعَبْدِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ، وَلاَ يَتَبَعَّضُ بِتَبَعُّضِ الْقَضَاءِ بَلْ مَا بَقِيَ فَهُوَ مَحْبُوسٌ بِهِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ الاِنْتِفَاعِ بِهِ فِي الْبَيْعِ لاَ فِي الْقَرْضِ (1)، فَإِنْ وَكَّلَهٌ بِبَيْعِهِ صَحَّ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ، فَإِنْ بَاعَهُ رَبُّهُ وُقِفَ عَلَى إِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ ، فَإِن ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لِيَتَعَجَّلَ حَلَفَ وَيُعَجِّلُ، وَفِي عِتْقِهِ مُوسِراً يُنْفَذُ وَيَتَعَجَّلُ، وَفِي عُسْرِهِ يُوقَفُ، فَإِنْ أَفَادَ مَالاً أُنْفِذَ وَإِلاَّ بِيعَ فِي الدِّيْنِ كَاسْتِيلاَدِهِ الأَمَةَ ، وَوَطْءُ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ إِذْنِ زِنَى وَبِإِذْنِهِ يَبْطُلُ وَقَاصَّه بِقِيمَتِهَا وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ.
------------------------------------------
(1) لأن الانتفاع به في القر سلف جر نفعاً وهو محرم ، قال زروق ولا يتطوع به بعد عقد البيع لأنه هدية المديان اهـ.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الوكالة
- تَجُوزُ الْوَكَالَةُ (1) فِي كُلِّ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِرِضَا الْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ وَحُضُورِهِ، وَلَهُ عَزْلُهُ إِلاَّ وَكِيلَ الْخُصُومَةِ بَعْدَ شُرُوعِهِ، وَلاَ يَمْلِكُ الإِقْرَارَ وَالصُّلْحَ وَالْمُبَارَأَةَ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَالإِطْلاَقُ بِالْبَيْعِ يَقْتَضِي الْحُلُولَ وَثَمَنَ المِثْلِ، وَبِشِرَاءِ أَمةٍ أَوْ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ الْمُنَاسِبَ وَهُوَ أَمِينٌ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ، فَأَمَّا قَبْضهُ مِنْ غَرِيمٍ أَوْ قَضَاؤُهُ فَلاَ يُقْبَلُ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِهِ وَلِلْغَرِيمِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ، وَلَمْ يَعْلَمْ قَبْضَ وَكِيلِهِ وَيُعْزَلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ وَعَزْلِهِ وَبَيْعِ مَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ وَاسْتِهْلاَكِهِ وَعِتْقِهِ، وَلِكُلٍّ مِنَ الْوُكَلاَءِ الاِسْتِقْلاَلُ إِلاَّ أَنْ يُشْتَرَطَ الاِجْتِمَاعُ، وَلِلْمُفَوَّضِ التَّوْكِيلُ وَالتَّصَرُّفُ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَإِذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ تِلفُ الثَّمَنُ بِيَدِهِ فَعَلَى رَبِّهِ خَلَفُهُ وَلَوْ مِرَاراً وَلَوْ دَفَعَ مِنْ مَالِهِ وَقَبَضَ الْعِوَضَ فَتَلَفُهُ مِنْهُ، وَاللّهُ أَعْلَمُ.
------------------------------------------
(1) الأصل في الوكالة حديث البخاري عن أبي هريرة كان لرجل على النبي صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم جمل سن من الإبل فجاء يتقاضاه فقال أعطوه فطلبوا سنه فلم يجدوا له إلا سنا فوقها فقال اعطوه فقال أوفيتني أوفى اللّه بك قال النبي صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم "إن خياركم أحسنكم قضاء" قال الكرماني لفظ أعطوه يتناول وكلاء رسول اللّه حضوراً وغيباً اه وقال الحافظ وأما الغالب فيستفاد من هذا الحديث بطريق الأولى لأن الحاضر إذا جاز له التوكل مع اقتداره على المباشرة بنفسه فجوازه للغائب عنه أن يزكي عن أهله الصغير والكبير ذكره البخاري في الصحيح، وفي السنن عن عروة البارقي أن النبي صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم أعطاه ديناراً ليشتري به أضحية أو شاة فاشترى به شاتين فباع إحداهما بدينار فأتاه بشاة ودينار فدعا له بالبركة في بيعه فكان لو اشترى تراباً لربح فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الحجر وَالصُّلْحِ، وَالْحَمَالَةِ، وَالْحَوَالَةِ
- يَحْجُرُ عَلَى الصَّغِيرِ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوِ الْحَاكِمُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيُؤْنَسَ رُشْدُهُ بِإِصْلاَحِهِ المَالَ، وَالأُنْثَى مَدْخُولاً بِهَا، وَلاَ يُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ، وَالْبُلُوغُ بِالاِحْتِلاَمِ، أَوْ بِالإِنْبَاتِ أَوْ بُلُوغِ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَيُزَادُ فِي الأُنْثَى الْحَيْضُ وَالْحَمْلُ، وَيُخْتَبَرُ بِحُسْنِ تَصَرُّفِهِ، وَلاَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي دَفْعِ الْمَالِ إِلَيْهِ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ كَدَعْوَاهُ دَفْعَ نَفَقَتِهِ إِلَى حَاضِنَتِهِ وَيُوَسَّعُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ مَالِهِ وَمَأْلُوفِهِ، وَلَهُ تَنْمِيَةُ مَالِهِ، فَإِنْ كَانَ فَقِيراً فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَالسَّفِيهُ الْحَاكِمُ (1)، وَيُفَكُّ حَجْرُهُ بِإِصْلاَحِهِ المَالَ كَالْمَجْنُونِ وَلاَ يُتَّبَعُ بِمَا اسْتَدَانَهُ حَالَ حَجْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ بِخِلاَفِ الْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهِ مَا لَمْ يُسْقِطْهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ يَمْلِكُ مِلْكاً مُزَلْزَلاً لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهُ وَتَبَرُّعَاتُ الزَّوْجَةِ فِي ثُلُثِهَا، وَلِلزَّوْجِ رَدُّ الزَّائِدِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ إِبَانَتِهَا مَضَى وَلِلْمَرِيضِ نَفَقَتُهُ مِنْ رَأْس مَالِهِ وَيُمْنَعُ مِنَ التَّبَرُّعِ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ، وَالزَّاحِفُ فِي الصَّفِّ، وَالرَّاكِبُ لِلُجَّةٍ فِي الْهَوْلِ، وَالْحَامِلُ تَبْلُغُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ كَالْمَريضِ، وَحُكْمُ غَيْرِ الْمَخُوفِ كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ حُكْمُ الصِّحَّةِ.
------------------------------------------
(1) أي ويحجر على السفيه الحاكم.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) المفلس
- إِذَا ادَّعَى المِدْيَانُ الْفَلِسَ وَطَلَبَ غُرَماؤُهُ حَبْسَهُ حُبِسَ، فَإِنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ أَنْظَرَهُ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ شَيْءٌ أُدِيمَ حَبْسُهُ، فَإِنْ سَأَلُوه حَجْرَهُ حُجِرَ عَلَيْهِ وَانْتُزِعَ لَهُمْ مَالُهُ وَقُسِمَ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَاص وَيَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ عَلَيْهِ لاَ لَهُ وَمَنْ وَجَدَ عَيْنَ سِلْعَتِهِ أَخَذَهَا (1) فَإِنْ قَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهَا خُيِّرَ بَيْنَ رَدِّهِ وَأَخْذِهَا، أَوِ الْحِصَاصِ بِبَاقِيهِ، وَتُتْرَكُ لَهُ ثِيَابُهُ المُعْتَادَةُ وَقُوتُهُ الأَيَّامَ، وَيُبَاعُ عَلَيْهِ مَا سِوَى ذلِكَ مِنْ رَبْعٍ وَغَيْرِهِ وَالتَّلَفُ قَبْلَ الْبَيْعِ مِنْهُ وَبَعْدَهُ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لَهُمْ مُلاَزَمَتُهُ عَلَى الْبَاقِي وَلاَ إِجَارَتهُ.
------------------------------------------
(1) لحديث أبي هريرة أن رسول اللّه صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم قال"أيما أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق من غيره" وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن هشام أن رسول اللّه صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم "أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه منه ولم يقبض من ثمنه شيئاً فوجده بعينه فهو أحق به وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء" رواهما مالك وغيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الصلح
- الصُّلْحُ جَائِزٌ (1) عَلَى الإِقْرَارِ وَالإِنْكَارِ إِلاَّ مَا أَحَلَّ حَرَاماً أَوْ حَرَّمَ حَلاَلاً، فَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لاَ حَقَّ لَهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ مَا أَخَذَهُ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ مُفَاوَضَةٌ وَغَيْرُ مُفَاوَضَةٍ، وَالمُفَاوَضَةُ كَالْبَيْعِ فِيمَا يَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ.
الثَّانِي تَعْجِيلُ الْبَعْضِ وَإِسْقَاطُ الْبَاقِي، فَمَنْ وَضَعَ بَعْضَ حَقِّهِ فَلاَ رُجُوعَ لَهُ وَمَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَتَرَكَ الْقِيَامَ بِهَا سَقَطَتْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَقْضُ الصُّلْحِ بِخِلاَفِ كَوْنِهَا غَائِبَةً أَوْ لاَ يَعْلَمُهَا.
------------------------------------------
(1) لحديث عمرو بن عوف المزني أن رسول اللّه صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم قال: الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا حرم حلالاً أو أحل حراماً والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً" رواه الترمذي وصححه وله طريق عن أبي هريرة صححه ابن حبان ،ثم الصلح أنواع: صلح المسلم مع الكافر، والصلح بين الزوجين والصلح بين الفئة العادلة والباغية والصلح بين المتغاضبين كالصديق، والصلح في الجراح والصلح لقطع الخصومة إذا وقعت المزاحمة في المشتركات كالشوارع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ