ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الصيام
- صِيَامُ رَمَضَانَ فَرْضُ عَيْنٍ يَلْزَمُ بِرُؤْيَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، فَإِنْ غَمَّ فَبِكَمَالِ عِدَّةِ شَعْبَانَ. وَتَجِبُ لَهث النِّيَّةُ وَتُجْزِئُ مِنَ اللَّيْلِ لاَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَنِيَّةٌ لِكُلِّ مُتَتَابِعٍ (1) وَتُبَيَّتُ لِغَيْرِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ. وَيَلْزَمُ الْمُنْفَرِدَ بِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، إِلاَّ أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ أَوْ تأْوِيلٍ، وَالشَّاكُّ يُمْسِكُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ. وَلاَ يُجْزِئُ صَوْمُهُ مُتَرَدِّدًاً بِخِلاَفِهِ تَطَوُّعاً أَوْ يُصَادِفُ وَرْداً أَوْ نَذَراً أَوْ قَضَاءً، وَرُؤْيَتُهُ نَهَاراً لِلْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ قَبْلَ الزّوَالِ، وَثُبُوتُهُ يُوجِبُ إِمْسَاكَ بَقِيَّتِهِ وَعِيدٌ يُوجِبُ الْفِطْرَ.
-----------------------------------
(1) الصوم المتتابع هو الذي يجب تتابعه وموالاته بحيث لو فرق لم يجزئ كرمضان وكفارة الإفطار العمد مع الجماع فيه مثلا وكفارة القتل والظهار والنذر المتتابع فيكفي الصائم أن يقول مرةواحدة عند أول صومه نويت صوم رمضان أو نويت صوم ستين يوماً أو نويت صوم كفارة القتل والظهار أو نحو ذلك أما الصوم الذي لا يجب تتابعه ويجوز تفريقه كقضاء رمضان وكفارة اليمين وفدية الأذى هم الحج ونحو ذلك فيلزم لكل يوم نية منفردة والقول بإجزاء نية للمجتمع هو مشهور مذهب مالك وقال ابن عبد الحكم لا بد من نية لكل يوم نظراً إلى أنه كالعبادات المتعددة من حيث عدم فساد بعض لأيام بفساد بعضها الآخر والقول المشهور نظراً إلى أنه كالعبادة الواحدة من حيث ارتباطها ببعضها ببعض وعدم جواز التفريق.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) قضاء الصوم
- يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْفِطْرِ وَلَوْ سَهْواً (1) أَوْ جَهْلاً أَوْ مُكْرَهاً أَوْ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ نَوْيَ رَمَضَانَ تَطَوُّعاً أَوْ نَذْراً أَوْ قَضَاءً أَوْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ أَوْ دُخُولَهُ فَتَبَيَّنَ خِلاَفُهُ أَوِ ابْتَلَعَ مَا يُمْكِنُهُ طَرْحُهُ أَوْ رُمِيَ إِلَى حَلْقِهِ بِذَوْقٍ أَوِ اكْتِحَالٍ أَوْ وُضُوءٍ أَوْ سُقُوط أَوْ تَقْطِير فِي أُذُنٍ لاَ بِدُخُولِ ذُبَابٍ أَوْ غُبَارٍ أَوْ حُقْنَةٍ (2) أَوِ احْتِلاَمٍ أَوْ تَصَبُّحٍ بِغُسْلِ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ إِنْ طَهُرَتْ وَنَوَتْ قَبْلَ فَجْرٍ وَيُكْرَهُ الْفَصْدُ وَالْحِجَامَةُ وَالْقُبْلَةُ (3) وَالمُلاَعَبَةُ، وَالْكَفَّارَةُ (4) بِتَعَمُّدِ الْفِطْرِ (5) أَوِ الْجِمَاعِ أَوْ اسْتِدْعَاءِ المَنِيِّ بِدَوَامِ النَّظَرِ أَوْ تَذَكُّرٍ أَوْ تَحْريكِ دَابَّةٍ (6) عَلَى المَشْهُورِ تَنَوُّعُهَا وَأَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ فَيُعْتِقُ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً كَامِلَةَ الرِّقِّ غَيْرِ مَعِيبَةٍ وَلاَ مُسْتَحِقَّةِ الْعِتْقِ، أَوْ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ قَطَعَ لِعُذْرٍ بَنَى وَإِلاَّ اسْتَأْنَفَ أَوْ يُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِيناً مُدّاً مُدَاً، وَالْعَدَدُ شَرْطٌ، وَلاَ يُلَفِّقُ مِنْ نَوْعَيْنِ، وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الأَيَّامِ وَالأَظْهَرُ عَدَمُ تَعَدُّدِهَا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ. وَعَدَمُ وُجُوبِهَا بِالْجِمَاعِ سَهْواً وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَرَفْض نِيَّةٍ (7) وَتَعْجِيلِ فِطْرٍ لِتَوَقُّعٍ مُبَاح، وَالمُكْرَهَةُ تَلْزَمُ المُكْرِهَ عَنْهَا.
-----------------------------------
(1) وجوب القضاء على المفطر سهواً في رمضان قوله في مذهب مالك جعله بعضهم مشهور المذهب والصحيح خلافه فلا يجب على الصحيح عند المالكية القضاء على من أفطر سهواً وقال الشافعية والحنفية لا يقضي الناس لحديث الصحيحين (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه اللّه وسقاه) وحالول ابن العربي الجواب عن هذا الحديث بما لا يسلم من خدش. فما ذهب إليه الشافعية أقوى.
(2) أطلق المؤلف عدم القضاء بدخول الحقنة والواقع أن في الحقنة تفصيلاً، فإذا وصلت إلى الأمعاء بأن كانت من الدبر فإنها تفطر ويجب القضاء على المحتقن، وأما إذا لم تصل إلى الأمعاء كحقنة في إحليل أي في ثقب الذكر فلا تفطر ولا قضاء على المحتقن لأنها لا تصل إلى الأمعاء. واختلف في قبل المرأة فقيل إن الحقنة فيه مفطرة ويجب بها القضاء كالدبر، وقيل لا قضاء لأن قبل المرأة كاحليل الذكر لا يصل شيء منهما إلى الأمعاء، وقال بعضهم إن الإحليل يطلق على ذكر الرجل وقبل المرأة وكلاهما لا قضاء بدخول الحقنة فيه، وقال مالك في المدونة أكره الحقنة للصائم فإن احتقن في فرج بشيء يصل إلى جوفه فالقضاء ولا يكفر من هذا أن المدار في الإفطار والقضاء عند مالك على الوصول إلى الجوف وعدمه، وكلمة الجوف على معناها داخل الجسم سواء كان معدة أو أمعاء أو غيرهما ولكن علماء المذهب حملوا الجوف على المعدة والأمعاء ولولا ذلك لكان كلام مالك مقيداً للافطار والقضاء بالحقن في الإحليل والقبل لأن الحقنة في كل منهما تصل إلى الجوف.
(3) محل كراهة القبلة إذا لم تؤد إلى الإنزال فإذا أدّت إليه فهي حرام ومفطرة وعلى فاعلها القضاء والكفارة ومثل القبلة كل عمل من مقدمات الجماع كالملاعبة والملامسة بالبشرة ونحوها إذا أدى إلى الإنزال وهذا قول مالك في المدونة، وقال أشهب فيها القضاء فقط إلا أن يستمر فيها فيجب القضاء والكفارة وقال ابن القاسم في المدونة يلزم القضاء والكفارة فيها. لا أن يكون الانزال بسبب نظر وفكر غير مستدامين.
(4) تبنى الكفارة عند المالكية: على التعمد أي تعمد الفطر بأي نوع من أنواع المفطرات سواء كان جماعاً أو أكلاً أو شرباً أو حقنة في منفذ موصل إلى المعدة أو رفع نية الصوم مهاراً أو ليلاً أو غير ذلك قالوا لأن علة الوجوب انتهاك حرمة الصوم الواجب في الشهر المعظم رمضان والشافعية خصوا وجوب الكفارة بالجماع عمداً في نهار رمضان واستدلوا على ذلك بحديث الرجل الذي وقع على امرأته في رمضان ثم ذهب إلى النبي صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم فقال له هلكت يا رسول اللّه فقال له ما أهلكك قال وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم فقال صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم هل تجد ما تعتق به رقبة قال لا قال هل تجد ما تطعم به ستين مسكيناً قال لا، قال تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا، فمكث عند النبي صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم فأتي صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم بعرق فيه تمر فقال خذ هذا فتصدق به فقال الرجل أعلى أفقر منا يا رسول اللّه فواللّه ما بين لابتيها أهل بيت أفقر إليه منا فقال صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم قم فأطعمه أهلك فأخذه الرجل وانصرف والمالكية طردوا علة الوجوب وهي انتهاك حرمة الشهر لما تقدم فأوجبوا الكفارة في كل إفطار متعمد.
(5) شروط وجوب الكفارة للمكلف خمسة:
-1 - العمد فلا كفارة على الناسي.
-2- الاختيار فلا كفارة على مكره أو من أفطر غلبة كمن غلب عليه القيء.
-3 - الانتهاك فلا كفارة على متأول تأولاً قريباً.
-4 - أن يكون عالماً بالحرية فجاهلها لا كفارة عليه كشخص حديث عهد بالاسلام ظن أن الصوم لا يحرم معه الجماع فلا كفارة عليه.
-5 - أن يكون في رمضان لا في قضائه ولا في صيام كفارة أو نذر أو غيرهما، ويشترط في وجوب الكفارة بالأكل والشرب أن يكون بالفم فقط وأن يصل إلى المعدة.
(6) معنى رفض النية العزم على عدم الصيام، فإذا رفضها وأتبعها بالفطر وجبت عليه الكفارة وإذا رفضها بقلبه أو بلسانه أو بهما معاً ولم يتبع الرفض بالفطر كفارة عليه، فقول المؤلف "ورفض النية" أيلا تجب الكفارة برفض النية لأنه عطفه على ما لا تجب فيه الكفارة وهو الجماع سهواً. يجب حمله على رفض النية الذي لم يتبعه الفطر وإلا وجبت الكفارة.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ
- يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ وَتَتَابُعُهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ أَوْ بَعْضَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ مُتَّصِلٍ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ مَعَ الْكَفَّارَةِ (1) إِطْعَامُ مَسَاكِينَ مُدّاً عَنْ كُلِّ يَوْمٍ، وَيَلْزَمُ المُرْضِعَ تُفْطِرُ خَوْفاً عَلَى الرَّضِيعِ لاَ الْحَامِلَ وَفِيهَا خِلاَفٌ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْعَاجِزِ لِكِبَرٍ أَوْ عَطَشٍ وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِمَا، وَمَنْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ يَوْمِهِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ إِذَا جُنَّ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ بَلَغَ مَجْنُوناً أَوْ صَحِيحاً لاَ بِالْيَسِيرِ، وَيَلْزَمُ الْكَافِرَ إِمْسَاكُ بَقِيَّةِ يَوْمِ إِسْلاَمِهِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلصَّبِيِّ يَبْلُغُ الإِمْسَاكُ لاَ بَقِيَّةَ يَوْمِ الشِّفَاءِ وَالطُّهْرِ وَقُدُومِ المُسَافِرِ مُفْطِراً. ثُمَّ السَّفَرُ المُبِيحُ لِلْقَصْرِ وَالصَّوْمُ أَفْضَلُ، وَإِذَا أَجْمَعَ إِقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لَزِمَهُ، وَالْمُتَطَوِّعُ إِنْ أَفْطَرَ سَاهِياً لَزِمَهُ إِمْسَاكُ بَقِيِّةِ يَوْمِهِ لاَ قَضَاؤُهُ، وَيَحْرُمُ صِيَامُ الْعِيدِ، وَيُكْرَهُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ إِلاَّ لِمُتَمَتِّعٍ وَنَحْوِهِ، وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ أَيَّامِ الْبِيضِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَالإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ.
-------------------------------------
(1) ودليل ذلك ما في الموطأ عن القاسم بن محمد أنه كان يقول: من كان عليه قضاء رمضان فلم يقضه وهو قوي على صيامه حتى جاء رمضان آخر فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً مداَ حنطة وعليه مع ذلك القضاء. قال مالك: وبلغني عن سعيد بن جبير مثل ذلك.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باب الاعتكاف (1)
- الاِعْتِكَافُ مُلاَزَمَةُ المَسْجِدِ لَيْلاً وَنَهَاراً مَعَ النِّيَّةِ وَالصَّوْمِ مُشْتَغِلاً بِالْعِبَادَاتِ، تَارِكاً لِلأَسْبَابِ الدُّنْيَوِيَّةِ إِلاَّ لِضَرُورَةِ تَحْصِيلِ طَعَامِهِ، وَاشْتِرَاطَهُ الْخُرُوجَ مُلْغًى، وَيَبْطُلُ بِالْخُرُوجِ إِلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ أَوْ طَعَامِهِ وَلَوْ لِعِبَادَةٍ أَوْ صَلاَةِ جَنَازَةٍ أَو جُمْعَةٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لاَ يَنْقُصَ عَنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ (2) وَيَجُوزُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ إِلاَّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمْعَة (3) فَيَتَعَيَّنُ الْجَامِعُ وَيَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ قَبلَ الْفَجْرِ فَإِنْ دَخَلَ بَعْدَهُ بَطَلَ، وَمُعْتَكِفُ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ لاَ يَنْصَرِفُ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ بَعْدَ شُهُودِ الْعِيدِ، وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فَلاَ يَصِحُّ فِي بَيْتِهَا، وَمَنْ عَرَضَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ المُقامُ خَرَجَ وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ الاِعْتِكَافِ فَإِذَا زَالَ عُذْرُهُ عَادَ فِي الْفَوْرِ، وَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ الْقَضَاءِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَمْ يُفِدْهُ عَلَى المَشْهُورِ، وَيَحْرُمُ عَلَى المُعْتَكِفِ الاِسْتِمْتَاعُ لَيْلاً أَوْ نَهَاراً لاَ عَقْدُ نِكَاحٍ، وَاللّهُ أَعْلَمُ.
------------------------------------
(1) مأخوذ من العكوف وهو اللزوم ومنه قوله تعالى {العاكف فيه والباد - الذي ظللت عليه عاكفاً - لن نبرح عليه عاكفين} هذه حقيقته اللغوية، وحقيقته الشرعية ما ذكره المصنف، واختلف في حكمه فقيل مندوب وقال ابن العربي سنة، وقال ابن عبد البر في الكافي سنة في رمضان وفي غيره جائز والراجح الثاني لمواظبته صلى اللّه عليه وآلاه وسلم على فعله.
(2) وأقله يوم وليلة ولا حد لأكثره.
(3) قوله إلا من تلزمه الجمعة. معناه أنه يجوز الاعتكاف في كل مسجد سواء كان جامعاً أو غيره والجامع هو الذي تقام فيه الجمعة وغيره الذي لا تقام فيه إلا إذا كان المعتكف تلزمه الجمعة أي ذكر حر بالغ عاقل مستوف لشروط الجمعة وكان يوم الجمعة واقعاً في أيام اعتكافه بأن نوى الاعتكاف سبعة أيام أو ثلاثاً أولها الأربعاء أو الخميس أو نوى مدة أكثر من ذلك فلا بد من وقوع الجمعة فيها، فهذا يجب عليه أن يعتكف في المسجد الجامع، فإذا اعتكف في غيره وجب عليه الخروج للجمعة وبطل اعتكافه بمجرد خروجه من المسجد، ويقضيه وجوباً، أما لو كان اعتكافه أياماً ليس فيها يوم الجمعة أو كان المعتكف لا تلزمه الجمعة فيجوز اعتكافه في الجامع وغيره.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الحج (1)
- يَلْزَمُ كُلَّ مُسْلِمٍ حُرٍّ مُكَلَّفٍ مُسْتطِيعٍ عَلَى الْفَوْرِ (2) مَرَّةً فِي الْعُمْرِ، وَالاِسْتِطَاعَةُ إِمْكَانُ الْوُصُولِ مَعَ الأَمْنِ كَيْفَمَا تَيَسَّرَ وَالْمَرْأَةُ مَعَ مُحْرَم أَوْ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ، وَالمَيِّتُ الضَّرُورَةُ (3) إِنْ أَوْصَى بِهِ يَلْزَمُهُ فِي ثُلُثِهِ فَلْيُسْتَأْجَرْ مَنْ يَحِجُّ عَنْهُ، ثُمَّ الإِجَارَةُ ضَرْبَانِ: بَلاَغٌ وَهِيَ دَفْعُ مَالٍ بِحَسَبِ كِفَايَتِهِ ذِهَاباً وَإِيَاباً فَمَا فَضَلَ لَزِمَهُ رَدُّهُ فَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ إِحْرَامِهِ فَلَهُ التَّرْكُ، فَإِنْ مَضَى لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ بِنَفَقَتِهِ وَبَعْدَهُ يَلْزَمُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنَّفَقَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى المُسْتَأْجِرِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى المُسْتَأْجِرِ الثَّانِي مَضْمُونَةٌ وَفِيهَا يَتَعَيَّنُ قَدْرُ الأُجْرَةِ وَصِفَةُ الْحَجِّ وَمَوْضِعُ الاِبْتِدَاءِ، وَالمَشْهُورُ اشْتِراطُ تَعَيُّنِ السَّنَةِ، وَقِيلَ بَلْ تَتَعَيَّنُ السَّنَةُ الأُولَى بِالإِطْلاَقِ ثُمَّ مَا فَضَلَ أَوْ أَعْوَزَ فَلَهُ وَعَلَيْهِ وَلاَ يُسْتَأْجَرُ لَهُ عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ بِخِلاَفِ غَيْرِهِ إِلاَّ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ ذلِكَ فَلَوْ عَيَّنَ شَخْصاً فَأَبَى عَادَ الْمَالُ مِيرَاثاً كَمَا لَوْ عَيَّنَ قَدْراً فَوُجِدَ مَنْ يَرْضَى بِدُونِهِ إِلاَّ إِنْ قَصَدَ دَفْعَهُ إِلَيْهِ، وَلَوْ عَيَّنَ صِفَةً فَأَحْرَمَ بِغَيْرِهَا لَمْ يُجْزِهِ فَلَوْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ انْفَسَخَتِ الإِجَارَةُ، وَمَنْ تَطَوَّعَ أَوْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ قَبْلَ فَرْضِهِ كُرِهَ وَوَقَعَ عَلَى مَا نَوَاهُ.
------------------------------------------
(1) الحج لغة القصد، ومن ذلك رجل محجوج أي مقصود وشرعاً القصد إلى مكة للنسك والنسك إما حج وإما عمرة ولكل منهما أركان أي أفعال إذا أداها الحاج أو المعتمر فقد أدى الفرض في الحج والسنة في العمرة وبرئت ذمته من مطالبة اللّه له بهما.
(2) هذا قول العراقيين وقاله مالك أيضاً وشهر وعليه لو أخر عن أول سني الاستطاعة فهل يكون قضاء وهو قول ابن القصار أو أداء وهو قول غيره. وقال الماربة هو على التراخي ما لم يخف الفوات وشهر أيضاً ولذا قال خليل في المختصر. وفي المغاربة هو على التراخي الفوات خلاف.
(3) الضرورة هو من عليه حجة الاسلام.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) المواقيت: الزماني والمكاني
- الميقَاتُ زَمَانِي: شَوَّالٌ، وَذُو القِعْدَةِ وَعَشْر ذِي الْحِجَّةِ وَمَكَانِيٌّ: ذو الْحُليْفَةِ) (1) وَالْجُحْفَةُ وَيَلَمْلَم وَقَرْنُ الْمَنَازِلِ وَذَاتُ عِرْق فَهِيَ لأَهْلِهَا وَمَنْ مَرَّ بِهَا فَمَنْ تَجَاوَزَهُ حَلاَلاً لَزِمَهُ دَمٌ إِلاَّ أَنْ يَرْجِعَ غَيْر مُحْرِمٍ وَمَنْ مَنْزِلهُ بَعْدَ مِيقَاتٍ فَهُوَ مِيقَاتُهُ، وَمَكَّةَ مِيقَاتُ أَهْلِهَا وَالْمُعْتَمِرُ يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَى أَدْنَى الْحِلِّ وفي قِرَانِ المَكي مِنْهَا خِلاَفٌ وَلاَ يَدْخُلُ آفَاقِيٌّ مَكَّةَ إِلاَّ مُحْرماً.
---------------------------------------
(1) في الموطأ عن ابن عمر ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: "يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن" قال ابن عمر وبلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال: "ويهل أهل اليمن من يلملم"، قلت وهذا رواه ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، وروت عائشة وجابر أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق. وقال صلى اللّه عليه وآله وسلم في هذه المواقيت هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن وقد جمع بعضهم المواقيت المكانية لغير المكي في قوله:
عرق العراق يلملم اليمن * وبذي الحليفة يحرم امدني
والشام جحفة إن مررت بها * ولأهل نجد قرن فاستبن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) أَرْكَانُ الْحَجِّ
- أَرْكَانُ الْحَجِّ أَرْبَعَةٌ: الإِحْرَامُ، وَالْوُقُوفُ (1)، وَالطَّوَافُ (2) وَالسَّعْيُ (3)
فَالإِحْرَامُ ثَلاَثَةُ أَضْرُبٍ: إِفْرَادٌ وَهُوَ أَفْضَلُهَا، وَتَمَتُّعٌ وَهُوَ أَنْ يَأْتي الآفَاقِيُّ بالْعُمْرَةِ أَوْ بَعْضِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ يَحُجُّ، مِنْ عَامِهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ إِلَى أًفْقِهِ أَوْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ وَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ إِلاَّ لِحَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَقِرَانٌ وَهُوَ جَمْعُ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي إِحْرَام مُقَدِّماً لِلْعُمْرَةِ لَفْظاً أَوْ نِيَّةً أَوْ يُرْدِفُ الْحَجَّ عَلَيْهَا فِي أَثْنَائِهَا وَيَلْزَمُ الْهَدْيُ وَتَدْخُلُ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ فَمُرِيدُ الإِحْرَامِ إِذَا أَتَى الْمِيقَاتَ إِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ وَاغْتَسَلَ (4) وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَافِلَةً اسْتِحْبَاباً، وَيَتَجَرَّدُ مِنْ مخيطٍ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ ثُمَّ يَنْوِي مَا يُرِيدُ عَقْدَهُ مُلَبِّياً وَمُتَوَجِّهاً، وَلَفْظُهَا لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ يُعَادِوُهَا فِي كُلِّ صُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَتَلَقِّي الرِّفَاقِ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ وَيَلْزَمُ الدَّمُ بِتَرْكِهَا جُمْلَةً،
ثُمَّ إِنْ كَانَ الْوَقْتُ وَاسِعاً، أَتَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْقُدُومِ فَيَدْخُلُهَا مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا حَتَّى يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ فَيَدْخُلَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ وَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ وَقَالَ: اللَّهُمَّ زِدْ هذَا الْبَيْتَ تَشْريفاً وَتَعْظِيماً، وَمَهَابَةً وَتَكْرِيماً وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَعَظَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوِ اعْتَمَرَهُ، تَشْرِيفاً وَتَعْظِيماً، وَمَهَابَةً وَتَكْرِيماً فَيَأْتِي الْحَجَرَ الأَسْوَدَ، فَيُقَبِّلُهُ (5) وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِيمَاناً بِكَ، وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ، وَتَصْدِيقاً بِكِتَابِكَ، وَاتِّبَاعاً لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ، وَيَبْتَدِئُ الطَّوَافَ مِنْهُ، فَيَطُوفُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ جَاعِلاً الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِةِ، الثَّلاَثَةُ الأُولَى خَبَباً كُلَّمَا مَرَّ بِالْحَجَرِ قَبَّلَهُ، وَبِالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ لَمَسَهُ بِيَدِهِ، وَاسْتِيفَاءُ الْعَدَدِ شَرْطٌ كَالطَّهَارَةِ، فَإِذَا فَرَغَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَالأَفْضَلُ وَرَاءَ الْمَقَامِ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّفَا فَيَرْقَى عَلَيْهَا حَتَّى يَرَى الْبَيْتَ فَيَتَوَجَّهُهُ، وَيُكَبِّرُ وَيَقُولُ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللّهُ، لاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ثمَّ يَنْزِلُ فَيَسْعَى حَتَّى يُجَاوِزَ الْمِيلَيْنِ الأَخْضَرَيْنِ، ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يَأْتِيَ الْمَرْوَةَ فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا كَالصَّفَا وَذلِكَ شَوْطٌ، ثُمَّ يَأْتِي بِتَمَامِ سَبْعةِ أَشْوَاطٍ كَذلِكَ،
وَهذَا السَّعْيُ هُوَ الرُّكْنُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِطَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ سَعَى مَعَ طَوَافِ الإِفَاضَةِ، وَشُرُوطُهُ أَنْ يَكُونَ عَقِيبَ طَوَاف، ثُمَّ يَخْرُجُ فِي الْيَوْمِ الثَامِنِ إِلَى مُنَى وَيُعَاوِدُ التَّلْبِيَةَ. وَيُسْتَحَبُّ الْمَبِيتُ بِهَا، فَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ دَفَعَ إِلَى عَرَفَةَ فَيَنْزِلُ بِهَا، فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ وَجَمَعَ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ ثُمَّ وَقَفَ، وَعَرَفَةُ كلَها مَوْقِفٌ إِلاَّ بَطْنَ عَرَفَةَ، فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَتَوَارَتْ بِالْحِجَابِ دَفَعَ إِلَى الْمُزْدَلِفَة، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ تَوَارِيهَا بَطَلَ حَجُّهُ إِلاَّ أَنْ يَعُودَ فَيَقِفَ جُزْءاً مِنَ اللَّيْلِ وَمَنْ تَرَكهُ نَهَاراً مُتَمَكِّناً فَعَلَيْهِ دَمٌ فَإِذَا أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ جَمَعَ بَيْنَ العِشَاءَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَنْزِلْهَا لَزِمَهُ الدَّمُ وَالأَفْضَلُ الْمَبِيتُ. وَيَلْتَقِطُ مِنْهَا حَصَاةَ الْجِمَارِ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فصلى الصُّبْحَ وَوَقَفَ ذَاكِراً، ثُمَّ يَدْفَعُ قَبْلَ الطُّلُوعِ إِلَى مِنًى فَيَرْمِي بِهَا جَمْرَةَ الْعَقَبَة بَعْدَ الطُّلُوعِ بِسَبْعِ حَصِيَاتٍ، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ، ثُمَّ يَأْتِي مَكَّةَ فَيَطُوفُ طَوَافَ الإِفَاضَةِ وَهذَا هُوَ الرُّكْنُ ثُمَّ يَعُودُ إِلَىمُنًى فَيَبِيتَ بِهَا لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ لِرَمْيِ الْجِمَارِ فَيَرْمِي الأَيَّامَ الثَّلاَثَة كُلَّ يَوْمٍ بَعْدَ الزَّوَالِ لاَ يُجْزِئُ قَبْلَهُ وَلاَ لَيْلاً وَيَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ السُّفْلَى فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصِيَّاتٍ رَمْياً لاَ وَضْعاً، وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهَا فَيَتَوَجَّهُ الْعَقَبَةَ، وَيَبْتَهِلُ بِدُعَاءٍ، ثُمَّ يأْتِي الْعُلْيَا فَيَرْمِيهَا، وَالتَّرْتِيبُ شَرَطٌ، فَإِنْ نَكَسَ أَعَادَ مَا نَكَسَ، وَلاَ يَرْمِي بِمَا قَدْ رُمِىَ بِهِ، وَمَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ وَلَوْ لَيْلَةً وَالرَّمْيُ فِي كُلِّ جَمْرَةٍ حَصَاةً لَزِمَهُ الدَّمُ وَلَوْ فَضَلَ فِي يَدِهِ حَصَاةٌ لاَ يَدْرِي مِنْ أَيِّهِنَّ؟ يَرْمِي فِي كُلِّ جَمْرَةٍ حَصَاةً حَصَاةً عَلَى التَّرْتِيبِ ثُمَّ يَدْفَعُ إِلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْوِدَاعِ وَهُوَ آخِرُ الْمَنَاسِكِ.
-----------------------------------------
(1) هو الحضور بعرفة ودة زمنية مهما قلت وقوفاً أو جلوساً ومروراً أو اضطجاعاً ليلة النحر.
(2) والطواف بالبيت العتيق سبعاً.
(3) والسعي بين الصفا والمرة سبعاً أيضاً. وعمال العمرة الطواف والسعي والإحرام فليس فيها وقوف وسيأتي للمؤلف بيانها.
(4) هذا أحد اغتسالات الحج المسنونة وهو الاغتسال للإحرام والثاني لدخول مكة ولا تفعله الحائض والنفساء والثالث للوقوف بعرفة والغسل الأول لا بد فيه من الدلك والثاني والثالث قيل لا بد فيهما أيضاً من ذلك لكنه خفيف وقال مياسرة في شرح متن ابن عاشر لا دلك فيهما ويستحب الغسل أيضاً لدخول المدينة.
(5) ولا يقبله إلا متوضئ لأنه كالجزء من الطواف المشترط فيه الطهارة وفي ذلك ألغز الشيخ التادي بن سودة بقوله:
أيها العالم المفيد البرايا * ما مقالك في جواب سؤالي
قبلة لم تجز بدون وضوء * وهي لا تنقض الوضوء بحال
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الفدية
- تَلْزَمُ الْمُحْرِمَ الْفِدْيَةُ (1) بِلُبْسِ الْمَخِيطِ لُبْساً مُعْتَاداً وَلَوْ بِإِدْخَالِ كَتِفَيْهِ الْقَبَاءَ وَلُبْسِ الْخُفِّ إِلاَّ أَنْ يَقْطَعَهُ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبِ وَالتَّرَفُّهِ بِحَلْقِ شَعْرٍ، وَتَقْلِيمِ ظَفْرٍ، وَإِزَالَةِ شَعْثٍ وَتَطَيُّبٍ وَتَغْطِيَةِ الرَّجُلِ رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ وَالْمَرْأَةِ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَاكْتِحَالِهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلَهَا لُبْسُ المُخِيطِ وَالْخُفِّ وَسَدْلُ ثَوْبٍ عَلَى وَجْهِهَا غَيْرَ مَرْبُوطٍ خَوْف فِتْنَتِهَا، وَبِلَفِّ خِرْقَةٍ عَلَى ذَكَرِهِ وَشَدِّ تَعْوِيذٍ عَلَى عَضُدِهِ، وَتِكَّةٍ أَوْ خَيْطٍ فَوْقَ إِزَارِهِ لاَ بِحَمْلِ مَتَاعِهِ لِلضَّرُورَةِ وَشَدِّ نَفَقَتِهِ تَحْتَ إِزَارهِ وَتَسَاقُطِ شَعْرٍ بِحَكَّةٍ أَوْ رِكَابٍ أَوْ بِتَخْلِيلِ وُضُوءٍ، وَهِيَ إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ، أَوْ صِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ يَنْسِكُ بِشَاةٍ فَمَا فَوْقَهَا غَيْرَ مُخْتَصَّةٍ بِمَكَانٍ وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ مُوجبِهَا لاَ بِفِعْلِهَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ.
---------------------------------
(1) الفدية ثلاثة أنواع:
-1- شاة من ضأن أو معز أو أعلى منها من إبل وبقر وقيل الشاة أفضل من البقر والإبل فالبقر أفضل من اٌبل ويشترط فيها من السن والشمن وغيرهما ما يشترط في الضحية والهدي.
-2 - إطعام ستة مساكين من غالب قوت المحل الذي أخرجه فيه لكل مسكين مدّان بمدّه صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم فجملتها ثلاثة آصع والصاع قدحان مصريان وأربعة أمداد ويجزي غذاء وعشاء لكل مسكين حيث بلغ الغذاء أو العشاء المدين والمدان أفضل.
-3 - صيام ثلاثة أيام ولو أيام منى ولا تختص الفدية بأنواعها بمكان أو زمان فيجوز تأخيرها لبلده وغيره في أي وقت شاء بخلاف الهدي فإن محله منى أو مكة وتعدد الكفارة بتعدد موجبها فلكل من اللبس والحلق والتطيب وتقليم الظفر فدية خاصة إذا فعلت متفرقة أو نوى الحاج فعل كل واحد منفرداً عن الآخر أما إن فعله دفعة واحدة كأن حلق وتطيب وقلم أظافره ولبس المخيط دفعة واحدة فعليه فدية واحدة وشرط وجوب الفدية في اللبس الانتفاع به بأن يلبس مدة تكون مظنة للانتفاع فان نزع الملبوس عن قرب فلا فدية عليه.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) ممنوعات الإحرام
- يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ اصْطِيَادُ جَمِيعِ الصَّيْدِ الْبَرِّيِّ طَائِراً كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَقَتْلَهُ لاَ مَا صَادَهُ حَلاَلٌ لغَيْرِ مُحْرم، فَإِنْ صَادَهُ أَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ مَعَهُ لَزِمَهُ إِرْسَالَهُ، فَإِنْ عَطِبَ لَزِمَهُ جَزَاءَهُ كَمَا لَوْ نَقَرَهُ أَوْ تَعَلَّقَ بِحِبَالَتِهِ أَوْ سَقَطَ فِي بئْرٍ حَفَرَهَا لِسَبْعٍ وَنَحْو ذلِكَ فَإِنْ أَكَلَهُ فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ وَلَوْ كَسَرَهُ وَتَرَكَهُ مَخُوفاً لَزِمَهُ جَزَاؤُهُ فَإِنْ تَلَفَ فَجَزَاءَانِ لاَ إِنْ بَرِئَ وَلَحِقَ بِالصَّيْدِ. ثُمَّ مِثْلُ الصَّيْدِ مِنَ الأَنْعَامٍ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ خِلْقَةً فَفِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ كَحَمَامِ الْحَرَمِ، وَفِي حَمَامِ الْحِلِّ حُكُومَةٌ وَفِي حِمَار الْوَحْشِ بَقَرَةٌ كَالإِبِلِ أَوْ قِيمَة الصَّيْدِ حَياً طَعَاماً يُطْعِمُهُ المَسَاكِينَ مُدٍّا وَلِلْكَسْرِ مِسْكِيناً لاَ يَلْزَمُهُ تَكْمِيلُهُ أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ وَلِكَسْرِهِ، وَيَحْكُمُ بِهِ ذُو عَدْلٍ وَفِيمَا لاَ مِثْلَ لَهُ إِطْعَامٌ أَوْ صَوْمٌ وَصَغِيرُ الصَّيْدِ كَكَبِيرِهِ، وَفِي بَيْضِهِ عُشْرُ مَا فِي أُمِّهِ وَيَجُوزُ قَتْلُ مَا يُخَافُ كَالسِّبَاعِ وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالزنْبُورِ وَالْفَأْرَةِ وَالْحِدَأَةِ وَالأَبْقَعِ وَدَفْعِ الصَّائِلِ، وَلاَ يَحِلُّ صَيْدُ الْحَرَمِ لِحَلاَلٍ وَلاَ لِمُحْرِمٍ وَلَوْ رَمَاهُ مِنَ الْحِلِّ وَفِي الْعَكْسِ خِلاَفٌ كَفَرْعِ شَجرِ الْحِلِّ فِي الْحَرَمِ وَبِالْعَكْسِ وَلاَ يَجُوزُ قَطْعُ شَجَرهِ وَكُرِهَ الاِحْتِشَاشُ بِخِلاَفِ الرَّعْي وَقَطْعِ الإِذْخِرِ وَالسَّنَا وَمَا غُرِسَ، وَحَرَمُ المَدِينَةِ كَحَرَمِ مَكَّةَ وَفِي جَزَاءِ صَيْدِهِ خِلاَفٌ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) الهدي
- دِمَاءُ الْحَجِّ كُلُّهَا هَدْيٌ إِلاَّ نُسُكَ الأَذَى وَأَعْلاَهُ بَدَنَةٌ وَأَدْنَاهُ شَاةٌ، وَتَقْلِيدُهُ تَعْلِيق نَعْل (1) فِي عُنُقِهِ وَإِشْعَارُهُ شَقُّ صَفْحَةِ سَنَامِهِ الْيُسْرَى، وَهُوَ فِي السَّلاَمَةِ وَالسِّنِّ كَالأُضْحِيَةِ فَيُوقِفُهُ وَيَنْحَرُهُ بِمِنى وَمَا لَمْ يُوقَفْ مَنْحَرُهُ مَكَّةُ، وَسَبِيلُ وَلَدِهَا كَسَبِيلِهَا وَمَنْ عَدِمَهُ صَامَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ، وَيَجُوزُ قَبْلَ رُجُوعِهِ، وَالْمُعْتَمِرُ يَتَطَوَّعُ بِهِ، ثُمَّ يَصِيرُ قَارِناً يَلْزَمُهُ آخَرُ لِقِرَانِهِ، وَيَجُوزُ الأَكْلُ مِنْهُ إِلاَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ، وَنَذْرَ المَسَاكِينِ، وَقِدْيَةَ الأَذَى، وَهَدْيَ التَّطَوُّعِ يَعْطَبُ قَبْلَ مَحَلَّهُ، وَمَنْ أَكَلَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ أَكْلُهُ ضَمِنَ وَهَلْ لَحْماً أَوْ قِيمَةً قَوْلاَنِ، وَلاَ يُرْكَبُ وَلاَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ فَإِنْ زَالَتْ بَادَرَ إِلَى النُّزُولِ وَالْحَطِّ عَنْهُ وَلاَ تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي الْهَدْيِ، وَيَفْسُدُ الْحَجُّ بِوَطءٍ وَاسْتِدْعَاءِ المَنِى مَا بَيْنَ الإِحْرَامِ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَيَلْزَمُهُ إِتْمَامُهُ وَالْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ يَسُوقُهُ فِي حَجَّهِ الْقَضَاءِ وَيُفَارِقُ المَوْطُوءَةَ فِيهَا مِنْ حِينِ إِحْرَامِهِ إِلَى التَّحَلُّلِ وَيَقْضِي عَلَى صِفَةِ مَا أَفْسَدَ، وَلاَ يُنْكِحُ المحْرِمُ وَلاَ يُنْكِحُ حَتَّى يَتَحَلَّلَ وَيَحِلّ بِالإِفَاضَةِ جَمِيعُ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ.
-----------------------------------
(1) في الموطأ عن ابن عمر أنه كان إذا أهدى هدياً من المدينة قلده وأشعر من ذي الحليفة يقلده قبل أن يشعره وذلك في مكان واحد وهو متوجه إلى القبلة يقلده بنعلين ويشعره من الشق الأيسر إلخ قال الباجي في المنتقى هذا هو المستحب أن يقلده بنعلين ي رقبته للحديث المقدم حديث ابن عباس عن النبي صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم وفيه (قلدها بنعلين) وإن قلدها بنعل واحدة فقد قال مالك تجزئه النعل الواحدة اهـ. ومنه يعلم أن ما ذكره المصنف خلاف المستحب.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) حَجُّ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ
- حَجُّ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ نَافِلَةٌ وَإِنْ عَتَقَ أَوْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا، وَلَيْسَ لَهُ الإِحرَامُ بِغَيْر إِذْنِ سَيِّدِهِ. وَلَهُ تَحْلِيلُهُ كَالزَّوْجَةِ فِي التَّطَوُّعِ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيٌّ قَوِيّاً يَتَعَقَّلُ بَاشَرَ الأَفْعَالَ وَإِلاَّ أَحْرَمَ وَطَافَ وَسَعَى بِهِ وَلِيُّهُ، فَإِنْ كَانَ وَصِيّاً وَخَافَ عَلَيْهِ ضَيْعَةُ فَنَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِلاَّ ضَمِنَ الزَّائِدَ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ، وَمَنْ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ أَوْ بَلَغَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَأَحْرَمَ وَوَقَفَ سَقَطَ فَرْضُهُ، وَالمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ يَتَحَلَّلُ مَكَانَهُ، وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلاَ يَسْقُطُ فَرْضُهُ، المُحْصَرُ بِمَرَضٍ لاَ يُحَلِّلُهث إِلاَّ الْبَيْتُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ