ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) صلاة الاستسقاء
- يُسَنُّ الصَّلاَةُ لِطَلَبِ الْغَيْثِ (1)، وَيُسْتَحَبُّ تَقَدُّمُهَا بِصِيَامٍ وَصُدَقَةٍ وَنَحْوِ ذلِكَ، وَهِيَ رَكْعَتَانِ بِالْمُصَلَّى يَخْرجُونَ ضَحْوَةً مُتَبَذِّلِينَ مُتَخَاشِعِينَ يُظْهِرُونَ النَّدَمَ وَالتَّوْبَةَ، يُصَلَّى بِهِمْ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَيُكْثِرُونَ الاِسْتِغْفَارَ حَالَ الْخُطْبَةِ وَالأَفْضَلُ أَنْ يخطبَ بالأَرْض، فَإِذاَ فَرَغَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَحَوَّلُوا أَرْدِيَتِهِمْ مَا عَلَى الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ وَيَسْأَلُونَ اللّهَ تَعَالَى وَيُسْتَحَبُّ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ مَا تُنْبِتُ لَنَا بِهِ الزَّرْعَ وَتُدِرُّ لَنَا بِهِ الضَّرْعَ وَتَدْفَعُ عَنَّا بِهِ الْجَهْدَ وَلاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الْقَانِطِينَ. اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ، وَبَهِيمتَكَ وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ المَيِّتَ: فَإِنْ أُجِيبُوا وَإِلاَّ عَادُوا وَلَوْ مِرَاراً. وَلاَ بَأْسَ بِخُرُوجِ الأَطْفَالِ وَالْبَهَائِمِ وَالْقَوَاعِدِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ مُنْعَزِلِينَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ لاَ مُنْفَرِدِينَ بِيَوْمٍ.
-----------------------------------
(1) طلب الغيث هو الاستسقاء وعرفه ابن عرفة بأنه طلب السقيا من اللّه الذي كبد رطبة أو نبات بالدعا وحده أو بالصلاة اهـ. والاجتماع على طلبه بالدعا. وذهب أبو حنيفة إلى أن الصلاة له بدعة وهو محجوج بالحديث ثم الاستسقاء لجدب أو شرب ولو لدواب بصحراء أو سفينة ولقلة النهر سنة ولسعة الخصب مباح ولنزول الجدب بغيرهم مندوب لقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} قاله اللخمي ورده المازري بأن الاستسقاء للغير يكون بالدعاء لا بالصلاة. زاد ابن الحاجب وفي استسقاء المخصبين بالصلاة لزيادة الخصب نظراهـ. يعني إنما يستسقون بالدعاء ويستحب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة لما في صحيح البخاري عن أنس أن عمر رضي اللّه عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال اللّهم إنا كنا نتوسل إليك بعم نبينا قال فيسقون وروى ابن أبي شيبة باسناد صحيح كما قال الحافظ في فتح الباري عن مالك الدار - وكان خازن عمر - قال أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم فقال يا رسول اللّه استسق لأمتك فانهم قد هلكوا فأتي الرجل في المنام فقال له ائت عمر وأخبره أنهم مسقون، وقيل له عليك الكيس الكيس فأتى الرجل عمر فأخبره فبكى عمر وقال اللّهم ما آلوا إلا ما أعجزت عنه، والرجل المذكور هو بلال بن الحارث المزني الصحابي قاله الحافظ في فتح الباري.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) صَلاَةُ الكُسُوفِ
- صَلاَةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ (1) رَكْعَتَانِ يَجْمَعُ لَهَا بِالْمَسْجِدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ خُطْبَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ وَقِرَاءَتَانِ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ سِرّاً وَالرُّكُوعَ نَحْوَهَا ثُمَّ يَرْفَعُ وَيَقْرَأُ دُونَ الأُولَى وَيَرْكَعُ نَحْوَهَا. وَهَلْ يُطِيلُ السُّجُودَ قَوْلاَنِ. وَهَلْ يَفْتَتِحُ كُلَّ قِرَاءَةٍ بِالْفَاتِحَةِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالأُولَى وَالثَّالِثَةِ قَوْلاَنِ، فَإِذَا سلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَوَعَظَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ وَتُدْرَكُ بِرُكُوعِهَا الرَّابِعِ وَيَقْضِي الرَّكْعَةَ الأُولَى دُونَ الْقِيَامِ الثَّالِثِ. وَصَلاَةُ كُسُوفِ الْقَمَرِ كَالنَّوَافِلِ وَلاَ تُجْمَعُ لَهَا.
-------------------------------------
(1) قيل إن الكسوف والخسوف واحد وهو ذهاب نور أحد النيرين أو بعضه وقيل الكسوف للشمس والخسوف للقمر وقال بعض أهل اللغة عكسه ورد عليه بقوله تعالى {وخسف القمر} وقيل الكسوف ذهاب بعض النور والخسوف ذهاب جميعه وصلاة كسوف الشمس سنة مؤكدة باتفاق وفي صلاة كسوف القمر قولان سنة أيضاً وبه قال ابن الحلاب واللخمي وقيل فضيلة فقط روى عن مالك وقال به أشهب وصاحب التلقين والصحيح أن صلاة الكسوفين واحدة في الكيفية لتسوية الحديث بينهما وبه أخذ عبد الملك بن الماجشون وهو مذهب الشافعي وأحمد وداود وسائر أهل الحديث "تنبيه" في المدونة كره مالك سجود الزلازل قال اللخمي: ورأى - يعني مالكاً - أن يفزع الناس إلى الصلاة عند الحادث الذي يخاف أن يكون عقوبة. وهو قول أشهب في الظلمة والريح الشديدتين اهـ. نقله في شرح الرسالة.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كِتَابُ الْجَنَائِز
- يُوَجَّهُ المُحْتَضَرُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَيُلَقَّنُ الشَّهَادَتَيْنِ (1) وَيُقْرَأُ عِنْدَهُ يس فَإِذَا قَضَى أُغْمِضَ وَشُدَّ لحْيَاهُ وَسُجِّيَ ثُمَّ يُؤْخَذُ فِي غَسْلِهِ فَيُرْفَعُ عَلَى سَرِيرٍ وَيُجَرَّدُ الرَّجُلُ وَتُسْتَرُ عَوْرَتُهُ وَيُوَضَّأُ وَيُغَسَّلُ كَالْجُنُبِ يُكَرَّرُ وِتْراً إِحْدَاهُنَّ بِالمَاءِ الْقُرَاحِ وَيَجْعَلُ فِي بَعْضِهِنَّ سِدْرٌ (2) إِنِ احْتَاجَ إِلَى ذلِكَ وَفِي الأَخِيرَةِ كَافُورٌ.
وَلاَ تُبَاشَرُ عَوْرَتُه إِلاَّ لِضَرُورَةٍ وَيُعْصَرُ بَطْنُهُ بِرِفْقٍ وَلاَ يُؤْخَذُ لَهُ ظُفْرٌ
وَلاَ يَحْضُرُهُ إِلاَّ مَنْ يُسَاعِدُ فِي غَسُلِهِ، يَتَوَلَّى ذلِكَ الْغَسْلَ فِي الرَّجُلِ الرِّجَالُ، وَفِي الْمَرْأَةِ النِّسَاءُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَالمَحَارِمُ وَرَاءَ الثَّوْبِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمَّمَتْهُ أَجْنَبِيَّةٌ إِلَى المِرْفَقَيْنِ وَيُيَمِّمُهَا إِلَى الْكُوعَيْنِ
وَإِبَاحَةُ الاِسْتِمْتَاعِ إِلَى حِينِ الْمَوْتِ يُبِيحُ الْغُسْلَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، فَلَمْ مَاتَ فَوَضَعَتْ جَازَ لَهَا غَسْلُهُ وَلَوْ أَبَانَهَا فَمَاتَ امْتَنَعَ، وَفِي الرَّجْعِيَّةِ خِلاَفٌ، فَإِذاَ فَرَغَ نُشِّفَ بِخِرْقَةٍ وَأُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ وَكَفَنهِ وَمُؤْنَتُه وَاجبَان فِي مَالِهِ وَسَطاً بِالْمَعْرُوفِ مُقَدَّماً عَلَى الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا، فَإِنْ كَانَ عَدِيماً فَفِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ
وَأَقَلُّهُ ثَوْبٌ يُدْرجُ فِيهِ وَأَكْمَلُهُ لِلرَّجُلِ خَمْسَةٌ: قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ، وَإِزَارٌ، وَلُفَافَتَانِ.
وَلِلْمَرْأَةِ سَبْعَةٌ: حِقْوٌ، وَقَمِيصٌ، وَخِمَارٌ، وَأَرْبَعُ لَفَائِفَ وَهُوَ تَابِعٌ لِلنَّفَقَةِ وَفِي الزَّوْجَةِ المُوسِرَةِ قَوْلاَنِ، قِيلَ عَلَيْهَا وَقِيلَ عَلَيْهِ وَيُسْتَحَبَّ تَجْمِيرُهُ،
وَيُذَرَّ الْحُنُوطُ عَلَى كُلِّ لُفَافَة وَعَلَى مَفَاصِلِهِ وَمَسَاجِدِهِ، وَيُلْصَقُ عَلَى مَنَافِذِهِ قُطْنٌ مُحَنَّطٌ، فَإِذَا أُدْرجَ شُدَّ عِنْدَ رَأْسِهِ وَوَسَطِهِ وَرِجْلَيْهِ،
ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى نَعْشِهِ إِلَى الْمُصَلَّى. وَالْمَشْيُ أَمَامَهُ أَفْضَلُ، فَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ لَيْسَ فِيهَا قِرَاءَةٌ بَلْ يُثنِي عَلَى اللّهِ تَعَالَى عَقِبَ الأُولَى: وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ الثَّانِيَةِ وَيَدْعُو عَقِبَ الثَّالِثَةِ، وَالْمُسْتَحَبُّ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ. وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ. اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِناً فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئاً فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلاَ تَفْتِنَّا بَعْدَهُ. وَفِي الْمَرْأَةِ اللَّهُمَّ إِنَّهَا أَمَتُكَ وَفِي الطِّفْلِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ سَلَفاً وَفَرَطاً وَذِخْراً وَشَفِعاً لِوَالِدَيْهِ، وَلِمنْ شَيَّعَهُ وَمَنْ صَلَّىعَلَيْهِ، وَأَلْحِقْهُ بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ الرَّابِعَهِ.
وَلاَ يُصَلَّى عَلَى سِقْطٍ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخاً وَلاَ قَتِيلٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يُغْسَلُ وَلاَ عَلَى قَبْرٍ وَلاَ غَائِبٍ وَلاَ تُكَرَّرُ وَيُكْرَهُ الصَّلاَة لأَهْلِ الْفَضْلِ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ وَالأَهْوَاءِ، وَمَقْتُولٍ فِي حَدٍّ وَيُصَلَّى عَلَى أَكْثَرِ الْجَسَدِ، وَفِي أَقَلِّهِ خِلاَفٌ (3) وَتُكْرَهُ عِنْدَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ إِلاَّ أَنْ يُخَافَ تَغَيُّرُهُ وَمَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلاَةٍ أُخْرِجَ لَهَا مَا لَمْ يَظنَّ تَغَيُّرُهُ، وَيُقَدَّمُ الْمُوصَى إِلَيْهِ رَجَاءَ دُعَائِهِ، ثُمَّ الْحَاكِمُ ثُمَّ الْعَصَبَةُ، وَأَوْلاَهُمْ أَقْوَاهُمْ تَعُصِيباً، فَإِنِ اجْتَمَعُوا وَتَشَاحُوا فَبِالْقُرْعَةِ وَإِذَا اجْتَمَعَ جَنَائِزُ فِي صَلاَةٍ جُعِلَ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الإِمَامَ، ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْخَنْثَى، ثُمَّ الْحُرَّةُ ثُمَّ الْعَبْدُ، ثُمَّ الأَمَةً، وَمَنْ أَدْرَكَ بَعْضَ الصَّلاَةِ فَإِنْ تُرِكَتْ لَهُ الْجَنَازَةُ أَتَمَّهَا وَإِلاَّ كَبَّرَ نَسَقاً، ثُمَّ يُحْمَلُ إِلَى الْقَبْرِ فَيُدْفَنُ فِي حُفْرَةٍ تَكْتُمُ رَائِحَتَهُ وَتَمْنَعُهُ مِنَ السِّبَاعِ، وَيسَلُّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ أَفْضَلُ مِنَ الشَّقِّ، وَيُحَلُّ شَدُّ رَأْسِهِ وَوَسَطِهِ وَرجْلَيْهِ وَيُطَبَّقُ بِاللِّبِنِ وَسُدَّ خَلَلُهُ بِالطِّينِ وَيُهَالُ عَلَيْهِ التُّرَابُ. وَيُسْتَحَبُّ لِمنْ دَنَا مِنْهُ أَنْ يَحْثُو فِيهِ ثَلاَثَ حَثوَات، وَيُكْرَهُ بنَاؤُهُ وَتَجْصِيصُهُ وَتَحْرُمُ النِّيَاحَةُ وَإِظْهَارُ الْجَزَعِ وَاللَّطْمُ وَالشَّقُّ، وَيُسْتَحَبُّ التَّعْزِيَة فَيُقَالُ أَحْسَنَ اللّهُ عَزَاءَكَ وَأَلْهَمَكَ الصَّبْرَ وَغَفَرَ اللّهُ لِميِّتِكَ، أَوْ غَيْرِ ذلِكَ مِمَّا يَحْضُرُهُ.
-------------------------------------
(1) معنى التلقين أن تذكر عند الشهادتين على وجه يسمعهما به ولا يلح عليه ولا يقال له قل ويلقنه أرفق الناس به وأحبهم له وقال بعض الشافعية يلقنه غير وراثه وهل يلقن الميت بعد الدفن قال عز الدين بن عبد السلام لا يلقن. وجزم النووي باستحبابه ونقله عن القاضي حسن وأبي الفتح الزاهد وأبي رافع وسئل عنه أبو بكر بن الطلاع فقال هذا الذي نختاره ونعمل به وقد روينا فيه حديثا عن أبي أمامة ليس بقائم السند لكنه اعتضد بالشواهد وبعمل أهل الشام قديما وللمئيوي نحوه وحديث أبي أمامة رواه الطبراني وضعفه قريب بل قال الحافظ اسناده صالح وقد استحب التلقين أيضا أحمد وجماعة من المالكية كما بين في غير هذا الموضوع.
(2) هو الغاسول. وقوله بعد في كفن المرأة حقو. معناه الإزار.
(3) قيل يصلي على ما وجد منه وإن قل. قال ابن حبيب وابن مسلمة وابن الماجشون. وقال عبد الملك إذا كان رأسا صلى عليه وإلا فلا وقيل إن بلغ النصف صلى عليه. والمنع مطلقا قول وهذا الخلاف يجري على الخلاف في الصلاة على الغائب فالمشهور منعها وحكى ابن القصار جوازها عن مالك وبه قال ابن وهب والشافعية لصلاته صلى اللّه عليه وآله وسلم على النجاشي واحتمال الخصوصية بعيد.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الزكاة
- نِصَابُ الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالاً، وَالْوَرِقِ مائتَا دِرْهَمٍ. فَيَجِبُ رُبْعُ عُشْرِهِ. وَالزَّائِدُ بِحِسَابِهِ. وَيُلَفَّقُ بَيْنَهُمَا بِالأَجْزَاءِ وَشُرُوطُ وُجُوبِهَا الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ فِي مِلْكٍ كَامِلٍ مُتَّحَدٍ. وَيُكَمَّلُ النِّصَابُ بِرِبْحِهِ لِحَوْلِهِ، وَيَجبُ فِي أَوَانِيهَا وَحُلِي التِّجَارَةِ. وَمَا لاَ يَجُوزُ تَحْلِيَتُهُ. وَالْمتَّخَذِ ذَخِيرَةً لاَ لُبْسِ المبَاحِ جيِّد الْجنْسِ وَرَديئِهِ. وتبرِه ومَضْرُوبهُ وَصَحِيحُهُ وَمَغْشُوشُهُ وَمَكْسُورُهُ سَوَاءٌ. وَتَلَفُهُ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنَ الأَدَاءِ يُسْقِطُهَا وَبَعْدَهُ يُوجبُ ضَمَانَهَا. فَإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ لَزِمَهُ مِنَ الْبَاقِي وَبَعْدَ إِفْرَادِهَا يَلْزَمهُ دَفْعهَا. فَإِنْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَ لاَ إِنْ تَلِفَتْ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لاَ يُخْرِجُهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا وَيَنْوِيهَا زَكَاةً وَأَخْذُ الإِمَامِ الْعَادِلِ ينُوبُ عَنْهُ وَغَيْرهِ إِنْ صَرَفَهَا فِي وُجُوهِهَا أَجْزَأَتْهُ وَإِلاَّ لَزِمَتْهُ الإِعَادَةُ وَيُخْرِجُ الْوَلِيُّ عَن الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَيُزْجِئُ أَحَدُ النَّقْديْنِ عَنِ الآَخَرِ بِقِيمَتِهِ مَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ قَدْرِ الْوَاجِبِ. وَمَنِ ابْتَاعَ بِنَصَابٍ بَعْدَ حَوْلِهِ وَقِبلَ تَزْكِيَتِهِ فَرَبِحَ زَكَاهُ لِلأَوَّلِ وَزَكَّاهُمَا لِلْحَوْلِ الثَّانِي إِلاَّ جُزْءُ زَكَاةِ النِّصَاب إِلاَّ أَنْ تَكُونَ لَهُ عرْضٌ يُسَاوِيهِ وَتُضَمُّ أُولَى الْفَائِدَتَيْنِ إِلَى الثَّانِيَةِ كَانَتْ نِصَاباً أَوْ أَكْمَلَتْهُ فَإِنْ كَانَتِ الأُولَى أَوْ كُلٌّ نِصَاباً اسْتَقَلَّتْ بِحَوْلِهَا، وَمَنْ مَكَثَ دَيْنُهُ أَحْوَالاً فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ حتَّى يَقْبِضَهُ أَوْ نِصَاباً مِنْهُ فَيُزَكِّيهِ إِمَامٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ قَبَض دُونَهُ لَمْ يُزَكِّ حَتَّى يَقْبضَ تَمَامَهُ أَبْقَى الأُولَى أَوْ أَتْلَفَهَا كَثَمَنِ عَرْضِ التِّجَارَةِ، وَإِنِ اسْتَفَادَهُ فَلاَ زَكَاةَ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ بَعْدَ قَبْضِهِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ مَا تَقَدَّمَ، وَيُعَيِّنُ المُدِيرُ شَهْراً يُقَوِّمُ فِيهِ عُرُوضَهُ وَيَضُمُّ دَيْنَهُ وَنَاضَّهُ، وَلَوْ دِرْهَماً، فَإِنْ كَانَ لاَ يَنِضُّ لَهُ شَيْءُ فَلاَ زَكَاةَ وَالمُرَصَّعَ إِنْ عَلِمَ وَزْنَ نَقْدِهِ زَكَّاهُ وَانْتُظِرَ بِجَوَاهِرِهِ الْبَيْعُ، وَإِنْ جَهِلَهُ وَلَمْ يُمْكنْ نَزْعُهُ فَلأَظْهَرُ التَّحَرِّي، وَقِيلَ المَقْصُودَ مِنْهُمَا مَتْبُوعٌ، وَيشْتَرَط فِي المَعَادِنِ اتِّصَالُ النِّيلِ، وَكَمَالُ النِّضَابِ لاَ الْحَوْلُ، فَإِنْ أَخْرَجَ دُونَهُ فَلاَ زَكَاةَ حَتَّى يُخْرِجَ تَمَامَهُ أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يُكَمِّلُهُ قَدْ حَانَ حَوْلُهُ، وَتُضَمُّ المَعَادِنُ وَإِنْ تَنَاءَتْ مَحَالُّهَا كَالزَّرْعِ وَغَيْرُهَا بِشَرْطِ اتِّصَالِ النِّيلِ وَإِلاَّ اسْتَقَلَّ كُلٌّ بِحُكْمِهِ وَالأَظْهَرُ أَنَّ النُّذْرَةَ كَغَيْرِهَا وَقِيلَ بَلْ تُخَمَّسُ، وَالأَصَحُّ تَخْمِيسُ قَلِيل الرِّكَازِ وَكَثِيرِهِ وَعُرُوضِهِ، ثُمَّ أَرْبَعَةُ أَخُمَاسِهِ إِنْ كَانَ بِفَيْفَاءَ فِي الْجَاهِليَّةِ فَلِوَاحِدِهِ وَأَمَّا فِي أَرْضِ الصُّلْحِ فَلأَهْلِهَا، وَأَرْضُ الْعَنْوَةِ لِمُفْتَتِحِهَا وَمَا عُلِمَ أَنَّهُ لِمسْلِمٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ، وَالدَّيْنُ إِنِ اسْتَغْرَقَ أَوْ أَبْقَى مَا لاَ زَكَاةَ فِيهِ أَسْقَطَهَا عَنِ النَّقْدِ الْحَوْلِيِّ لاَ المَعْدنِيِّ وَالْمَاشِيَةِ وَالمُعَشَّرَاتِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَرْضٌ يُسَاوِيهِ وَيَجْعَلُ بِإِزَائِهِ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي قَلْبِهِ، كَدَيْنِهِ وَكِتَابَتِهِ وَخِدْمَةِ مُدَبَّرِهِ وَنَحْوُ ذلِكَ.
-----------------------------------------
(1) الزكاة في اللغة النماء وزكا الزرع نما وفي الشرع قال ابن عرفة اسم لجزء من المال شرط وجوبه لمستحقه بلوغ المال نصاباً ومصدراً إخراج جزء من المال إلخ اهـ. قال الباجي ولما يخرج من المال على هذا الوجه أسماء منها الزكاة (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) ومنها الحق (وآتوا حقه يوم حصاده) والنفقة (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل اللّه) نقله ابن سحنون عن ابن نافع عن مالك والصدقة (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم) والعفو (خذ العفو وأمر بالعرف) اهـ. ملخصاً وفي الموطأ قال مالك السنة التي لا خلاف فيها عندنا أن الزكاة تجب في عشرين ديناراً عيناً كما تجب في مائتي درهم اهـ. ولا خلاف في ذلك بين فقهاء الأمصار كما قال الباجي فالمثقال في كلام المصنف معناه الدينار.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) زكاة الإبل
- لاَ زَكَاةَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ (1) وَفِيهَا شَاةٌ جَذَعَةٌ أَوْ ثَنِيَّة. وَفِي الْعِشْرِين أَرْبَعٌ. وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنْ عَدِمَهَا فَابْنُ لَبُونٍ، وَفِي سِتٍّ وَثَلاَثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ وَفِي إِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ وَفِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونَ وَإِحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ يخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ حِقَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثِ بَنَاتِ لَبُونٍ فَإِنْ وَجَدَ أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ وَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُون وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ مَا بَيْنَ ذلِكَ أَوْقَاصٌ. وَنِصَابُ الْبَقَرِ ثَلاَثُونَ فِيَها تَبِيعٌ وَفِي أرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَفِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يُخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ ثَلاَثِ مُسِنَّاتٍ وَأَرْبَعَةٍ وَالْجَوَامِيسُ نوعُها. وَيُكَمَّلُ النِّصَابُ بِالْعَجَاجِيلِ كَالْفصلاَنِ وَيُؤْخَذُ السِّنُّ الْوَاجِبُ فَلَوْ مَاتَتْ الأُمَّهَاتُ وَبَقِيَتْ الأَوْلاَدُ نِصَاباً زُكِّيَتْ، وَتُزَكَّى الْعَوَامِلُ وَالْهَوَامِلُ (2)، وَنِصَابُ الْغَنَمِ أَرْبَعُونَ وَفِيهَا شَاةٌ كَالَّتِي فِي الإِبِلِ وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ثَلاَث، ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَلاَ تُؤْخَذُ هَرِمَةٌ وَلاَ هَزِيلَةٌ وَلاَ فَحُلٌ وَلاَ كَرِيمَةُ الضَّأْنِ، وَالْمَعْزُ جِنْسٌ حُكْمُ الأَوْلاَدِ مَا تَقَدَّمَ وَتُزَكَّى السَّائِمَةُ وَالمَعْلُوفَةُ وَمُبَدِّلٌ نِصَاباً بِجِنْسِهِ يَبْنِي وَبِخِلاَفِهِ المَشْهُورُ الاسْتِئْنَافُ إِلاَّ أَنْ يَفْعَلَهُ فِرَاراً وَمُسْتَفِيدُ نِصَابٍ أَوْ دُونَهُ مِنْ جِنْسِ مَاشِيَتِهِ يَبْنِهِ عَلَى حَوْلِهَا، وَالْخُلَطَاءُ كَالْمَالِكِ الْوَاحِدِ بِشَرْطِ كَمَالِ النِّصَابِ فِي مِلْكِ كُلٍّ وَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى وَصْغَيْنِ كَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ والدَّلْوِ المُرَاحِ والمَبِيتِ وَطَلَبِ المَصْلَحَةِ وَلَوْ آخِرَ الْحَوْلِ وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمَعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَتُؤَثِّرُ التَّخْفِيفَ كَمَالِكِي مائَةٍ وَعِشْرِينَ أَوِ التَّثْقِيلَ كَمَالِكِي مائَتَيْنِ وشَاةَ فَإِنْ ظَهَرَ قَصَدُ الْفِرَارِ أُخِذُوا بِحَالِ الاِنْفِرَادِ وَيُصَدَّقُونَ فِي قَصْدِ الْمَصْلَحَةِ فَإِنِ اتُّهِمُوا حُلِّفُوا وَالنِّصَابُ الْمُؤَلَّفُ إِنْ أَخَذَ مِنْهُ مُتَأَوِّلاً تَرَادُّوا بِحَسَبِ أَمْلاَكِهِمْ كَمَا لَوْ زَادَ الْفَرْضُ بخَلْطِ دُونِهِ وَإِلاَّ فَهِيَ مِنْ مَالِكِهَا كَالْمَأْخُوذَةِ مِنْ دُونِ النِّصَابِ وَلاَ خُلْطَةَ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ وَلاَ زَكَاةَ فِي حَيَوَانٍ غَيْرِهَا، وَلاَ ضَمَانَ لِتَلَفِهَا قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي فَإِنْ نَقَصَهَا فِرَاراً ضَمِنَ.
------------------------------
(1) في الموطأ عن ابن سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم "ليس فيما دون خمس ذود صدقة وليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" الذود بفتح الذال المعجمة جماعة الإبل، ولا يزكى مال من غيره عند الجمهور ير أول مراتب الإبل المذكورة حيث يجب فيها إخراج الشياه إلى خمس وعشرين ولو أخرج عن الشاة بعيراً فالأصح الإجزاء وقال الباجي وابن العربي لا يجزئ، قال زروق والمزكي بالغنم من الابل يسمى مشنق - بفتح الشين والنون - لأن المزكي يشنق صاحب الإبل فيما ليس عنده اهـ. وقيل الشنق ما بين الفريضتين كالوقص بفتح الواو وسكون القاف. والصحيح أن الشنق ما تقدم وأن الوقص هو ما بين النصابين.
(2) يعني المعلوفة والسائمة والمذهب أن الصدقة تجب في معلوفة الماشية وسائمتها لقول مالك في الموطأ: إنه قرأ كتاب عمر بن الخطاب في الصدقة فوجد فيه: في أربع وعشرين من الابل فما دونها الغنم في كل خمس شاة، وهذا عموم. ولأن النماء في المعلوفة يوجد في الدر والنسل كالسائمة ولأن كثرة النفقات وقلتها إذا أثرت فإنما تؤثر في تخفيف الزكاة وتثقيلها ولا تؤثر في إسقاطها وإثباتها كالخلطة والتفرقة والسقي النضح والسيح. وقال الشافعية والحنفية وجوب الزكاة في السائمة فقط لحديث (في سائمة الغنم الزكاة) فالشافعية تمسكوا بدليل خطابه والحنفية النافون لدليل الخطاب تمسكوا بأن الأصل عدم وجوب الزكاة وحيث وجبت في السائمة بالنص بقي ماعداها على الأصل، قال ابن عبد السلام مذهب المخالف هو الذي تركن إليه النفس اهـ. وأقول: إن سلم مذهب أن التقييد بالسائمة خرج للغالب فالتعيم هو الراجح وإلا فالقول ما قاله الشافعية والحنفية.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) زكاة الحبوب والثمار
- نِصَابُ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ (1) وَهيَ ثَلاَثُمِائَةِ صَاعٍ بِالْمَدَنِّي فَيَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ سَيْحاً أَوْ بَعْلاً، وَنِصْفُهُ فِيمَا سُقِيَ نَضْحاً فَإِنْ اجْتَمَعَا وَتَسَاوَيَا فَثَلاَثةُ أَرْبَاعِهِ فَإِنْ تَفَاوَتَا فَالْمَشْهُورُ اعْتِبَارُ الْمَأْخُوذِ بِهِمَا وَقِيلَ الأَقَلُّ تَابِعٌ وَيُضَمُّ إِلَى الْبُرِّ، الشَّعِيرُ وَالثُّلْتُ وَالْعَلَسُ وَيُخْرَجُ مِنْ كُلٍّ بِحِسَابِهِ كَالْقَطانِي بِخِلاَفِ الذُّرَةِ وَالأُرْزِ وَالدُّخْن فَيَجبُ فِي الْحَبِّ بِيُبْسِهِ وَفِي التَّمْرِ بِزَهْوِهَا وَتُؤْخَذُ بعد التصْفِيةِ والْجِذَادِ مِنْ عَيْنِهِ لاَ تُجْزِي قِيمَتُهُ كَانَ جَيِّداً أَوْ رَدِيئاً فَإِنِ اجْتَمَعا وَتَساوَيَا فَفِي كُلٍّ بِحِسَابِهِ وَإِنْ تَفَاوَتَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذلِكَ، وَقِيلَ الأَقَلُّ تَابِعٌ، وَمِنَ الْمَتْبُوعِ الْوَسَطِ، وَيُخْرَصُ النَّخْلُ وَالْكَرْمُ إِذَا أَزْهَيَا بِالْحَاصِلِ جَافّاً فَإِنْ أَكَلُوا أَوْ بَاعُوا ضَمِنُوا، وَإِنْ تَرَكُوا وَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ وَهُوَ عَارِفٌ فَالظَّاهِرُ الأَخْذُ بِمَا خَرَصَ، وَإِنِ خَرَصَ جَمَاعَةٌ وَاخْتَلَفُوا أُخِذَ بِقَوْلِ أَعْرَفِهِمْ، وَإِنِ اسْتَوَوْا وُزِّعَ الْوَاجِبُ بِحَسَبِ اخْتِلاَفِهِمْ فَإِنْ أُجِيحَتْ بَعْدَهُ فَلاَ ضَمَانَ فَإِنْ بَقِيَ نِصَابُ لَزِمَ مِنْهُ وَمَنْ بَاعَ بَعْدَ الزَّهْوِ ضَمِنَ فَإِنْ أَفْلَسَ فَهَلْ يُتْبَعُ أَوْ تُؤْخَذُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَري قَوْلاَنِ، وَهَلْ يُرْجَعُ بَقَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ يُكَلَّفُ شِرَاءَ الْجِنْسِ قَوْلاَنِ كَالَّذِي لاَ يَتَنَاهَى، وَمَا يُعْتَصَرُ يُوسَقُ حَبّاً وَيُؤْخَذُ مِنْ دُهْنِهِ. وَلاَ زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنَ النَّبَاتِ غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا.
-------------------------------------
(1) خمسة أوسق توازي بالكيل المصري أربعة أرادب وويبة حسبما حرر العلامة الطحلاوي سنة 1165 هجرية وجملة ما تجب الزكاة فيه من الحبوب والثمار عشرون نوعاً القطاني السبعة: الحمص والفول والوبيا والعدس والترمس والجلبان والبسلة وذوات الزيت وهي الزيتون والسمسم والقرطم وحب الفجل الأحمر لا الأبيض والقمح والشعير والسلت والعلس والذرة والدخن والأرز والزبيب والتمر.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) صَدَقَةُ الْفِطْرِ
- صَدَقَةُ الْفِطْرِ (1) تَلْزَمُ مَنْ فَضِلَ عَنْ قُوتِهِ وَدَيْنِهِ وَمَؤُونَةِ عِيَالِهِ عَنْهُ وَعَنْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْرهَا وَهُوَ صَاعٌ وَزْنُهُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلْثٍ بِالْبَغْدَادِيِّ حَبّاً، مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ، وَتُجْزِئُ مِنَ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالأَقَط وَعَنِ الْعَبْدِ المُشْتَرِكِ عَنْ كُلٍّ بِقَدْرِ مِلْكِهِ كَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، وَالمَشْهُورُ تَعَلُّقُ الْوَاجِبِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، يَوْمَ الْفِطْرِ وَمَصْرَفُهَا الْفُقَرَاءُ وَالمَسَاكِينُ بِالاِجْتِهَادِ فَيُدْفَعُ صَاعٌ لِجَمَاعَةٍ وَآصُعٌ لِوَاحِدٍ.
----------------------------------
(1) ويقال لها زكاة الفطر فرضت في السنة الثانية من الهجرة فرضها رسول اللّه صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم كما صح في الحديث قال العدوي حاشية الخرشي من أنكر مشروعيتها يكفر ومن أنكر وجوبها لا يكفر اهـ. وروى أبو داود عن ابن عباس قال فرض رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات صححه الحاكم وروى ابن شاهين في فضائل رمضان عن جرير قال قال رسول اللّه صَلى اللّهُ عَليه وَسَلَم "صوم شهر رمضان معلق بين السماء والأرض لا يرفع إلا بزكاة الفطر" قال ابن شاهين حديث غريب جيد الاسناد اهـ. وقدرها بالكيل المصري قدح وثلث كما حققه العلامة الأجهوري ويجوز إخراجها قبل يوم الفطر بيوم أو اثنين كما قال ابن القاسم في المدونة ونقله عن فعل ابن عمر وأجاز الشافعية والحنفية إخراجها من أول رمضان.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(فصل) مَصَارِفُ الزَّكَاةِ
- مَصَارِفُ الزَّكَاةِ الأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ التَّي ذَكَرَهَا اللّهُ تَعَالَى، وَقَدْ سَقَطَ نَصِيبُ المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَالْعَامِلِينَ (1)، وَيَجُوز صَرْفُهَا إِلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْهُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى النِّصَابِ. وَلاَ يُشْتَرَطُ عَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ وَلاَ تُنْقَلُ عَنْ بَلَدِهَا مَعَ وُجُودِ المُسْتَحَقِّ، فَمَنْ فَعَلَ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ خِلاَفُهُ الأُجْرَةُ عَلَيْهِ وَلاَ تُصْرَفُ فِي شَيْءٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ غَيْرِ مَصَارِفِهَا وَتَبَيُّنُ الْخَطإِ يُوجِبُ الإِعَادَةَ إِلاَّ أَنْ يَتَوَلاَّهَا الإِمَامُ الْعَادِلُ وَلاَ يَخُصُّ بِهَا أَقَارِبَهُ، فَإِنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَاللّهُ أَعْلَمُ.
--------------------------------
(1) أما سقوط المؤلفة قلوبهم فمبني على أن المقصود باعطائهم الزكاة استئلافهم وتحبيب الإيمان إليهم وكف أذيتهم عن المسلمين. وقد سقط هذا بفشوا الإسلام وكثرته وقيل نصيبهم باق لم يسقط وعليه مشى خليل في المختصر. بناء على أن المقصود إنقاذهم من النار وهو باق إلى نزول عيسى عليه السلام. والأول رجحه الرماصي في حاشية التتائي، وأما العاملون عليها فهم الذين يبعثهم الإمام لأن الصدقة من أصحاب الحبوب والمواشي. وقد فقدد هذا منذ زمان فلم يبق إلا أن الانسان زكاته بنفسه على الموجوين من الأصناف الثمانية أو بعضهم حسب اجتهاه فيمن يراه أحق والأفضل لمن يعطي الزكاة ألا يذكرها للفقير بأن يقول خذ هذا الزكاة لئلا ينكسر خاطره بل ينوي الزكاة بقلبه من غير تلفظ بلسانه.